الكويت – النخبة:
المصدر – القبس:
لما سألت عن الحقيقة قيل لي: الحق ما اتفق السواد عليه. (رأي الأكثرية ــــ إيليا أبو ماضي).
بما أننا نرى ولا نتكلم.. نتألّم ولا نعلق… وإذا حصل وانتقدنا الأوضاع الراهنة في الكويت، نفعل ذلك من دون أن نحرك ساكناً نحو التغيير، سوى «الحلطمة» والتذمّر بالكلام.. إذاً كلنا فاسدون يا كويت.. كل من يحبك ويدعي أنه يخاف على مصلحتك ويرسل الخطابات والشعارات الرنانة هنا وهناك.. فاسد!
بما أننا أصبحنا ندخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ونرى التعليقات ما بين متهكّم على خبر حلول مطار الكويت الدولي كأسوأ مطار في العالم وبين متحسّر على ذلك ونسكت.. فكلنا فاسدون! إذا قرأنا كلام المتألم على الوضع التعليمي وظاهرة «قوة عين» الطلبة الغشاشين، ولم نتكلم فنحن فاسدون!
إذا كان كل ما قمنا به بعد قراءة مقال مثقف رفع اسم الكويت عالياً في كل المحافل الدولية، وتصل به الحال الى أن يشكو من أننا أصبحنا «منكسي الرؤوس» لسؤال الشعوب عن سبب تردي حال الثقافة في الكويت، ولا نقوم بشيء لمساندته في رأيه سوى إعادة نشر المقال.. فكلنا فاسدون! عندما يعتزل لاعب دولي فاز بالميداليات الدولية لأن الوضع الرياضي بات «متكائلاً» ولا يوجد قانون صريح ينصف رياضيي الكويت.. فكلنا فاسدون!
عندما تدفع الحال بمواطنة كويتية أن تجلس على الرصيف ممسكة بلوحة لتشكي ظلماً وقع عليها في حقها بالسكن ولا يتم انصافها، ولا نقيم الدنيا دون أن نقعدها حتى ينصفن كل سيدات الكويت في حقهن بالسكن الكريم.. فكلنا فاسدون! عندما نقرأ عن «بدون» أحرق نفسه، وأسر منهم متعفّفون ولا يجدون حق الإيجار أو السكن، أو حتى أقل سبل المعيشة اليومية، وفي المقابل نقرأ عن مجموعات تجد من العنصرية ــــ وليس العمل الحق، والذي يمكن أن يرفع من اسم الكويت في كل مكان ــــ سبباً في رؤيتهم لأنفسهم أكثر وطنية من بعض أولئك الذين ضحوا بأرواحهم فداء للكويت.. ونسلّم بذلك أو نحتج لمجرد التعليق… فكلنا فاسدون!
عندما نقرأ عن فساد بدأ يدخل في محاكم الدولة وإضاعة ملفات فيها حقوق الناس.. ونستهزئ بخبر القبض على مواطن لمبلغ زهيد لم يدفعه لشركة اتصالات.. إذا ما قرأنا كل ما سبق ذكره كأخبار يومية تحدث كل يوم في وطننا الكويت، واتفقنا كشعب على الصمت.. فكلنا فاسدون!
وأنا أولهم يا وطني الكويت، أنا من الفاسدين. بما أنني بدأت أشعر باليأس من إحداث أي تغيير كان ولو بسيطاً، كفرد في المجتمع، فأنا أستحق المساءلة والدعاء عليّ من أجيال الكويت القادمة.. فأنا كمواطنة لم يعد بوسعي سوى التحسّر، ثم السكوت عن الكلام المباح!
