صقر الشبيب
لُقب بشاعر الكويت و أبو العلاء المعري الكويتي ،هو الشاعر صقر الشبيب الذي ولد في الكويت بالحي الشرقي سنة 1896م ، وكان أول من نزل من أسرته إلى الكويت من حائل هو جده “دهيرب” والذي استمرت ذريته في الكويت ومنهم والد الشاعر ” سالم بن شبيب بن دهيرب بن رومي الشمري ” والذي عمل في الغوص بدايةً ثم في صيد الأسماك عن طريق قارب خاص يمتلكه ، ولم يكن من ذرية سالم سوى صقر وابنتين ، حرص الأب على تعليم ابنه التعليم الديني المتمثل في حفظ القرآن الكريم، وانتبه إلى أنه يميل إلى حب الشعر فكان ينبهه إلى الانصراف عن هذا الاهتمام ، في سن التاسعة أصيب صقر بالعمى وعجز الأطباء عن علاجه ، في سنة 1914م انتقل صقر إلى الأحساء وتلقى الدروس الدينية هناك، وبعد مضي سنة ونصف عاد إلى الكويت ، وعمل واعظاً في أحد المساجد خلال شهر رمضان ، بعد ذلك ترك الوعظ وأخذ يحفظ ألفية ابن مالك في النحو على يد الشيخ عبدالله خلف الدحيان حتى أتمها، وكانت علاقته مع الشيخ الدحيان قوية ومتينة ، في سنة 1918م توفي والده وكان بيتهم الذي يقطن فيه هو وأختاه متهالكاً ،إضافة إلى انعدام مصدر للدخل يعيشون عليه، فخاطب الشاعر الشيخ سالم المبارك الصباح بأبيات من الشعر قال فيها :
فيا فرحتي إن نلت عندك حاجتي و يا حسرتي إن لم أنلها وياخسري
فطلب منه الشيخ سالم الصباح أن يسمي حاجته، فأخبره صقر بحال بيتهم، فأكرمه وأمر بهدم البيت وإعادة بنائه من جديد ، وكان الوكيل الخاص بالبنيان قد تأخر في العمل، فنظم صقر أبياتاً أوصلها إلى الشيخ سالم فعجل له إنجازه فتوطدت العلاقة بين الشيخ سالم الصباح والشاعر صقر الشبيب وصارالشيخ سالم يدعوه إلى مجلسه بشكل مستمر، بل ويعتب عليه إن تأخر ،فنظم صقر له هذه الأبيات :
جئت للرفد وحده فإذا بي منك أحظى بمرفد وبهاد
منذ حرضتني على بذل جدي في تلقي الفصحى وبذل اجتهادي
كان شغلي جميعه في نهاري بل وليلي تطلبا للضاد
ولقد ذقت طعمها الحلو حتى ليس إلا منالها من مرادي
ولك الفضل ليس لي أن تأتي لي ما رمت من لغى الأجداد
عند وفاة الشيخ سالم الصباح حزن صقر على وفاته حزناً شديداً ،وكان دائماً ما يذكره بين فترة وأخرى ، وتوطدت علاقته مع ابن الشيخ سالم الشيخ عبدالله السالم الصباح .
عمل شاعرنا في دائرة المعارف ، وخصصت له غرفة لتدريس القواعد والأدب العربي للراغبين، وكانت غرفته عامرة بطلاب العلم على الدوام ، انقطع فترة عن التدريس معللاً السبب إلى كثرة السيارات في الطريق حتى قام الشيخ عبدالله بتوفير سيارة تقله، ولكنه اعتذر فيما بعد، فأمر الشيخ بتوفير راتب له دون أن يلتزم بالعمل، حيث استمر على هذه الحال حتى وفاته سنة 1963م.
ثار عليه المتعصبون بسبب أبيات قال فيها :
وخلوّا في الديانات افتراقًا يؤول بكم إلى الحرب العوان
ودينوا من تكاتفكم بدينٍ لـكم يُلقـى التقـدم بالعـنـان
وكان قد اعتزل الناس وبقي في بيته وقال :
قالوا اعْتَزَلْتَ الناسَ، قلتُ: لأنهم جَرُّوا عليَّ المُحْزِناتِ صُنُوفَا
لَولا مُخالَطتي البَرِيَّةَ لم يَكُنْ قلبي لِذُؤْبانِ الهُمُومِ خَرُوفَا
وقال في العزلة:
عَرَتْني وَحشةٌ مِنْ كُلِّ حُرٍّ وعَبْدٍ بالبَرِيَّةِ فانفَردتُ
فخالِطْ مَن تشاءُ ولا تَلُمني فإنِّي عن ملامتك ابتعدتُ
فإن تَسْعَد بمجتمع البرايا فإني بانفرادي قد سعدتُ
لم يصدر لصقر الشبيب في حياته أيَّ كتاب يضم قصائده ،وحتى الديوان الذي أصدره أحمد البشر الرومي سنة 1969م بعد وفاة شاعرنا لم يكن حاوياً لجميع قصائده فقد نشر منها في الديوان فقط مائة وأربع وثلاثون قصيدة .
من قصائده :
وكم لي في الكويت أولي عداءٍ بلا ذنب صغير أو كبير
سوى أني صريح القول حرٌ يترجم مقولي مافي ضميري
ولمّا لم أجد في الناس حرّا يعينُ على ملمّات الأمور
نبذت الناس ظهريّا ورائي وناديت المنون ألا فزوري
فمثلي ماله في العيش خير وهل في العيش خير للفقير
أخاف إذا بقيت تذل نفسي على طمع لذي مال كثير
فتمنحه مدائحها اللواتي تعِزُّ على الفرزدق أو جرير
فيجزيني على شعري شعيرا ولست من البغال أو الحمير
ولكني كما -سميت- صقرٌ وهل أبصرت ذلا في الصقور؟!
الشاعر صقر الشبيب و ديوانه
المصدر:
كتاب تاريخ قبيلة شمرفي الكويت، تأليف خالد طعمة الشمري، 2017 م، دولة الكويت.
