لم يكن مقتل الصحافية ومراسلة قناة ««الجزيرة» القطرية شيرين أبو عاقلة على يد قوات الاحتلال أثناء تغطيتها عملية عسكرية صهيونية في مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة، هو السابقة الاولى للجيش الإسرائيلي في حوادث الصحافيين.
وتتهم «الجزيرة» الاحتلال بقتل أبو عاقلة (51 عاما) التي تحمل أيضا الجنسية الأميركية، «عمدا» برصاصة في الرأس في 11 مايو الجاري، ويؤكد الفلسطينيون أن مصدر الرصاصة جنودا للاحتلال.
وطالبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتحقيق «شفاف» في ظروف مقتل أبو عاقلة، لكن منظمات حقوقية بارزة في الاحتلال ترى أن سجل محاسبة الجيش الصهيوني في قضايا سابقة شبيهة «سيء».
ويقول روي يلين من منظمة «بيتسيلم» الصهيونية اليسارية «وفق تحليلنا، فإن التحقيقات هذه منظمة ولا تهدف إلى إظهار الحقيقة أو المساءلة، على العكس تهدف إلى الحؤول دون ذلك».
ووفقا لمنظمة «مراسلون بلا حدود» التي تتخذ من باريس مقرا، قتل ما لا يقل عن 30 صحافيا بنيران الاحتلال منذ العام 2000، في حوادث منفصلة وقعت في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقتل معظمهم خلال عملهم الصحافي.
وتقول «مراسلون بلا حدود» إن جميع الحالات كان ضحاياها من الصحافيين الفلسطينيين باستثناء أربعة صحافيين من بريطانيا وإيطاليا وتركيا.
وقال متحدث عسكري صهيوني لـ«فرانس برس» إن الجيش يشرع في إجراء تحقيق «في الحالات التي يتم فيها الادعاء باستخدامه القوة المفرطة ضد أي فرد وضد الصحافيين على وجه الخصوص ويتضمن ذلك تحقيقا جنائيا أيضا».
وأشار إلى أن «محاكمة جنائية لمسؤولين» تجري في بعض الحالات «أو تتخذ في حقهم إجراءات من مسؤوليهم».
كيف تجري التحقيقات الصهيونية؟
بحسب الجيش الصهيوني، يفتح تحقيق أولي في الحالات التي يبدو فيها أن مدنيا قتل بنيران جندي في الضفة الغربية، ويحدد هذا التحقيق ما إذا كانت هناك حاجة للتقدم أكثر وتكليف قسم التحقيق الجنائي في الشرطة العسكرية إجراء تحقيق إضافي.
وقال جيش الاحتلال إن التحقيق الأولي أشار إلى أنه «لا وجود لشبهة فورية بارتكاب نشاط جنائي» في حادثة مقتل مراسلة الجزيرة.
وقالت المدعية العامة للجيش الصهيوني يفعات تومر يروشالمي في بيان «بالنظر إلى مقتل السيدة شيرين أبو عاقلة في وسط منطقة قتال نشط، لا يمكن أن تكون هناك شبهة فورية بوجود نشاط جنائي في غياب المزيد من الأدلة».
وأضافت «لن يتم اتخاذ القرار النهائي بشأن فتح تحقيق جنائي أم لا، إلا بعد توافر وقائع أخرى من التحقيق العملياتي لجيش الدفاع الصهيوني ومصادر أخرى».
وتقول شيرين الخطيب من المركز الفلسطيني للتنمية وحرية الإعلام «مدى» إن الاحتلال ومنذ العام 2000، لم تحمل أي جندي مسؤولية قتل صحافي.
حالات سابقة مماثلة
في السادس من أبريل 2018، قتل المصور الصحافي الفلسطيني ياسر مرتجى برصاص قناص صهيوني أثناء تغطيته احتجاجات على طول الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة.
وكان مرتجى يعمل مع مؤسسة «عين ميديا» للإنتاج والتي كانت تقدم خدمات لقناة الجزيرة. وأظهرت صورة لفرانس برس التقطت لمرتجى بعد إصابته وهو يرتدي بزة الصحافة.
لاحقا، اتهمت إسرائيل مرتجى بأنه عضو في حركة حماس، وهو ما نفته عائلته وزملاؤه.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن مرتجى «خضع للفحص الأمني قبل حصوله على منحة أميركية» في مجال الإعلام.
وبحسب الجيش الاسرائيلي، خلص التحقيق الأولي حينها إلى «عدم وجود شبهة تبرر فتح تحقيق جنائي».
وأضاف أنه «دعا المدنيين منذ بدء أعمال الشغب العنيف إلى تجنب الاقتراب من منطقة القتال وأعمال الشغب العنيفة التي تقودها حماس».
وبعد ثلاثة أسابيع على وفاة مرتجى، أعلن عن وفاة الصحافي أحمد أبو حسين (25 عاما) الذي كان أصيب برصاصة من الجيش الإسرائيلي في الأمعاء خلال تغطيته احتجاجات، ونقل إلى مستشفى في رام الله ثم الى مستشفى إسرائيلي حيث توفي.
وعمل الصحافي أبو حسين مصورا لوكالة أنباء محلية، بالإضافة إلى عمله في إذاعة صوت الشعب التي تقول عبر موقعها الإلكتروني إن مؤسسيها هم شخصيات وطنية مستقلة، تقدمية، ومجموعة من الأكاديميين والمثقفين، وينظر إليها على أنها مقربة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وقال جيش الاحتلال إنه «لم يعثر على شبهة تبرر فتح تحقيق جنائي» في القضية.
وفي 16 أبريل 2008، قتل في غزة أيضا المصور الفلسطيني فضل شناعة (24 عاما) أثناء تصويره مدرعة إسرائيلية كانت على بعد 1.5 كيلومتر منه.وقضى
مع شناعة الذي كان يعمل لصالح وكالة «رويترز» البريطانية ثمانية مدنيين آخرين.
وأكد تحقيق لوكالة رويترز وشهود عيان أن بزة شناعة الزرقاء ومركبته كانتا موسومتين بوضوح بإشارات الصحافة، وأن أيا من القتلى أو الجرحى لم يكونوا مسلحين.
وبرأ تحقيق عسكري القوات الإسرائيلية من سوء التصرف ووصف قرار إطلاق النار عليهم بأنه «منطقي».
