الكويت – النخبة:
المصدر – القبس:
أمر غير مسبوق ويدعو إلى التساؤل ذلك التفاعل الشعبي والفزعة للمواطن الشيخ محمد اليوسف الصباح، رئيس هيئة الزراعة، المعين للتو، ضد الوزير محمد الجبري، هذه الفزعة كانت لأحد أبناء الأسرة الحاكمة أراد الإصلاح والتحقيق في الفساد المستشري في هيئة الزراعة والثروة السمكية، كحال باقي المواطنين الشرفاء، وان هناك من يمثل الحكومة وبعضاً من أعضاء مجلس الأمة وبعض المنتفعين رفضوا التحقيق في ملفات تلك الهيئة الفاشلة منذ إشهارها.
الحقيقة أن الكثيرين تفاءلوا خيرا عند تعيين الشيخ محمد على رأس هيئة الزراعة، لما عرف عنه استقامته وجديته ونزاهته، وتفانيه في كل المهام التي أوكلت اليه، اعتقدنا أن تعيينه في الهيئة سيكون فاتحة خير لتقويم اعوجاجها، وقد فعل بوسعود ما توقعناه، فقد بدأ فورا بتشكيل لجنة للتحقيق في ملفات كثيرة تزكم الأنوف، المفاجأة أن من يمثل الحكومة رفض التحقيق، مما دفع الى التوجس من أن الفساد الذي نخر الهيئة قد وصل العظم.
قيل الكثير عن أناس حصلوا على منافع كثيرة من تلك الهيئة، التي أنشئت حسب ما كان الاعتقاد من أجل تعمير البلد وتجميله، الا أنه بعد مرور سنوات كثيرة تبيّن أنها لا تعدو أن تكون هيئة للتنفيع. كنّا نعتقد ان تعيين الشيخ محمد هدفه القضاء على فساد الهيئة، ولكن يبدو ان هناك من هو أقوى من كل من أراد الإصلاح، فمن المحزن أن يعاقب من يريد الإصلاح فيجرد من صلاحياته، وأن يكون وزير الاعلام محمد الجبري، النائب المنتخب، هو الأداة المعرقلة للتحقيق في ملفات الفساد، فمن يا ترى المستفيد من كل ما حصل؟ ومن هو المعرقل الحقيقي لكشف الفساد وفتح ملفاته؟ وما هذا الصمت النيابي الحكومي الفاضح؟ فهل ذلك السكوت هو علامة للرضا لما تقوم به مراكز قوى داخل الهيئة وخارجها، يفعلون ما يريدون من دون أن تطالهم يد العدالة؟
***
كتبت 29 ــ 7 ــ 2010 مقالة عنوانها «أشجار الهيئة تموت واقفة»، قلت فيها: «ما فائدة الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، إذا ماتت أشجارها واصفرت زروعها، ونعق الطير في حدائقها الجرداء، فتحولت إلى مزابل ومكبات للزبالة، ومرتعا للقطط؟ فهل هناك فعلا فائدة من هيئة ترى أشجارها تموت، ونخيلها وقد تحول إلى أعجاز خاوية، فلا تحرك ساكنا؟»، و«لابد وأن هناك ما يشغل بال معظم القائمين على الهيئة، ولابد أنه أكثر أهمية من القيام بواجباتها التي من أجلها وجدت، فهل هو الصراع على المناصب والمكاسب؟ أم أن معظم وقتهم وجهدهم مبذولان على انتقاء سعيدي الحظ الفائزين، الذين سيفوزون بقسائم المناحل والورش، بعد أن أسعدوا من خصص لهم القسائم الزراعية والجواخير، ومن حصل على توسعات على حيازة لم يزرعها، أو قد يكون على المحظوظين ممن حصلوا على تعويضات مالية، لمن تضرر أو لم يتضرر، وقد يكون ما يشغل بالهم أكبر وأعظم من ذلك بكثير. إلا أن الأمر المؤكد أن التذمر من أداء الهيئة يكاد يكون عاماً، وأن هناك لغطاً، من خارج الهيئة ومن داخلها، يدور حول ما يجري داخل دهاليزها».
طلال عبد الكريم العرب
