لغة الحوار – بقلم : مشعل السعيد
بقلم : مشعل السعيد
يقصد بلغة الحوار مناقشة بين طرفين بقصد تصحيح الكلام وإظهار الحجة، وإثبات حق ودفع شبهة، ورد الفاسد من القول والرأي، من أجل الوصول إلى الحقيقة، أو على الأقل إيجاد حل وسط يرضي الأطراف. وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يخلق الناس مختلفين متباينين في وجهات النظر والفهم والتفكير.
وللحوار آداب ومهارات وطرق صحيحة ينبغي لنا أن نأخذها بعين الاعتبار لكي يكون حوارا مثمرا وله فائدة. وقد قال المولى عز وجل (وجادلهم بالتي هي أحسن) [النحل:125]، بمعنى: من احتاج إلى مناظرة وجدل فليكن بالوجه الحسن وحسن الخطاب ولين الجانب حتى يكون الحوار هادفا ويؤتي أكله، أما الحوار الذي يسمى حوارا بيزنطيا فلا يسمن ولا يغني من جوع، لأنه نقاش لا طائل منه ولافائدة، وقد يؤدي إلى الاختلال الفكري وربما أدى إلى العداء والخصام، فلم لا نعتبر حوارنا مع غيرنا فنا نتبارى فيه، لم لا نجعله حوارا لايخلو من الإمتاع، فنختار الكلام الجيد، ونفهم ما يريده الطرف الآخر، ونبتعد عن المبالغة والتهويل في المواضيع المطروحة، ونضفي على الحوار حماسا، ونؤكد على نقاط التشابه فيما بيننا، ونستخدم البساطة والفكاهة في الحديث ولايقاطع بعضنا البعض؟
ومن يريد أن يكون محاورا جيدا ومقنعا عليه أن يدير النقاش بمهارة وذكاء وأن تكون ردوده حسنة، مع الحفاظ على أدب الحوار، ومنها الصدق، فلا شيء أفضل من الصدق، فالناس اليوم باتت تعرف كل شيء وأصبح العالم الفسيح قرية صغيرة، ومن فن الحوار أيضل ألا نقاطع المحاور بل نعطيه الفرصة للتعبير عن رأيه، والمهم جدا في هذا الجانب ألا يكون اختلاف وجهات النظر سببا للقطيعة كما نراه هذه الأيام في بعض الحوارات العقيمة.
إن ديننا الإسلام يعتبر الحوار مبدأ أساسيا من مبادئ الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. حتى الجاهل، علينا أن نرفق به ونعلمه ما يلزمه من غير تعنيف وإيذاء، اقتداء بسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وفي التاريخ الإسلامي الأول نموذج لحوار فاضل بين عالمين جليلين من علماء الأمة هما إمام دار الهجرة مالك بن أنس، وإمام مصر وعالمها وفقيهها الليث بن سعد، والحقيقة أنها آية مشرقة من آيات الحوار الراقي العفيف، الذي نحن بحاجة ماسة إلى مثله، وهو موجود في ترجمتهما، وفي النهاية علينا أن نعلم تمام العلم أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
ودمتم سالمين.