القاهرة – النخبة:
بأجواء غرائبية تشبه حكايا ألف ليلة وليلة، تصحبنا الكاتبة التونسية منيرة بلقاسم في روايتها الجديدة “إيقوما” الصادرة طبعتها الأولى هذا العام 2018 عن دار العصر الجديد للنشر والتوزيع بالقاهرة، في 366 صفحة من القطع المتوسط، إلى حكاية تمزج بين الخيال والواقع برؤية فلسفية تناقش أحوال المجتمع وقضايا دينية.. انطلاقًا من مملكة الجنان وملكها العادل ناصف وزوجته صباح.. وكيف أنهما كانا مثالا للمحبة والعدل والفكر والعطاء، وتتطرق في الوقت ذاته إلى الشخصية الاسطورية إيقوما وتسرد بدايات رحلتها الغريبة منذ ميلادها وسماعها أصواتاً آتية من السّماء وهي تقول لها: أنت دميمة… دميمة… إذهبي إلى حيث يجب أن تكوني… مكانك ليس هنا… أنت ملعونة ملعونة!
ودون عناء إرتسمت الطّريقُ أمام إيقوما وأخذتْها إلى غابة قد أثمرتْ أشجارها وأينع زهرها وكلّما إقتربتْ منها إحترقتْ وتحوّلتْ إلى رماد. فهمت آنذاك وتذكرتْ لماذا فزعت أمّها لميلادها. تساءلت هل أنّه من الضروري أن تولد وأن يكون دورها التّخريب والتدمير؟
وتستعرض الرواية بمفردات رمزية كيف استأنست إيقوما بسكان الغابة لماَ لمست فيهم من الإصغاء والطّاعة. راحت تتجول هنا وهناك وما مرّت بحيوان إلا وغازلته وأسمعته ما سمعه منها الأسد، فذاك نسر قد عدّا خلف غزالة روّعها الإحساس بالموت. جرت بقدر ما استطاعت كي تنجو من مخالبه. راحت إيقوتا ترسل فحيحا كفحيح الأفعى ممّا زاد في سرعة النمر الذي تمكّن من الإحاطة بفريسته. ولمّا شبع نام بجانب الفريسة دون عابئ بما فعل.
وتعود الرواية إلى الملك الشجاع العادل ناصف، وزوجته صباح وحبه الجنوني لها، وكيف أنه اهتم بقضية الخلق والوجود.. وصولا إلى الذات الإلهية، وكذا عديد من القضايا الدينية مثل التعدد، وكيف أن النّهمون من الرجال يركبون صهوة هذا التشريع ليتزوّجوا أكثر من امرأة ولينجبوا العديد من الأطفال ليعجزوا بعد ذلك على رعايتهم وتوفير حاجياتهم وهكذا تمتلأ الأزقة والحواري بالمتشردين والمرتكبين للجريمة. فهنالك من لا يعلم كم من الأطفال عنده! وهنالك من يجهل اسم ابنه أو ابنته. وأن الشخصية القوية لا تموت ولا تشيخ ولا تهرم. والرّجل يظلّ يبحث بين الجميلات على امرأة يقف عندها ويموت بين أحضانها.
وعلى الرغم من أجواء السعادة التي تعيشها صباح وزوجها الملك ناصف.. إلا أن الرياح لا تأتي أحيانًا بما لا تشتهيه السفن، تظهر إيقوما مجددًا وتشتعل الفتن والعداوات وتتوالى الأحداث غريبة مثيرة.
كما تتطرق الرواية إلى حكايات المقيمين في دار لكبار السن أمرت الملكة صباح بإنشائها، لتحفظ كرامتهم في مملكتها، ومنها حكايات أم الخير وحليمة.
ولم يكن ينغص على الملكة شيء سوى خصام ولديها المستمر، وكيف أن الأمير الصغير نور لا يحتمل أن يرى أخاه رجاء يقترب من أبيه ويجد نفسه الأصلح للجلوس إلى الملك وأخذ المكان المجانب له في المجالس ولقد كان الأمير الأكبر رجاء كالجبل في رصانته كالنسيم في رقّته. ولكن الذي كان يغضب الملكة هو سعادة الملك وهو يرى ولداه يتخاصمان ويتقاتلان.. فكيف تمضي الأحداث بالمملكة، وما الدور الذي تلعبه إيقوما في ذلك؟
