أسرار الأنصاري تكتب: عضة الكلب… وصاحبة «البورش»

الكويت – النخبة:

المصدر – الأنباء:

في مطلع العام الماضي، سعيت لتحقيق أهداف ترتبط بطفولتي، كنت أريد أن أكفّ عن تخيل الأماكن التي قرأت عن تاريخها وأحداثها وأن أكون فيها فعلاً؛ أمشي أينما مشى الأولون وأشاهد بعيني الآثار المتعلقة بحكايات المكان وأحاول أن أستشعر روحه.. كانت محطتي الأولى: برلين، عاصمة ألمانيا.

كنت مولعة جداً بالقراءة والبحث ومشاهدة البرامج الوثائقية عن فترة الحرب العالمية الثانية وتبعاتها، أيضاً كنت أتمنى لو أشاهد بقايا جدار برلين عن قرب ومنطقة عبور «تشارلي» التي كانت نقطة العبور الوحيدة بين برلين الغربية والشرقية وما زالت موجودة حتى اليوم تذكاراً على تاريخ المدينة. لكن، ماذا حدث؟

سافرت وحيدة. وصلت إلى برلين صباحاً، وبكل حماس ورغم الطقس البارد، تجولت في المدينة بفرح وبعينٍ تبحث عن بقايا تاريخها في كل الزوايا.. كنت أسير بحب وتأمل وامتنان، امتنان لوجودي أخيراً هنا. وفي طريقي رأيت أحد المتسولين جالساً على الأرض وكان في أحضانه كلبه الأليف، ومن يعرفني يعرف حجم حبي للحيوانات الأليفة خصوصاً الكلاب، أعطيت الرجل ما يكفيه لوجبة غداء ولاعبت كلبه الذي كان سعيداً لبعض الوقت ومن ثم دون أي سبب أو مقدمات؛ عض يدي وأدماها. هكذا فجأة. ورغم علمي بمدى خطورة عضة الكلب؛ لم أهتم. أكملت المسير إلى وجهتي بسعادة، ووصلت وحققت الهدف وشطبت من قائمة أمنياتي مدينة برلين.

انتهى اليوم وحل المساء، وبعد توبيخ أهلي والمقربين وتوجيهاتهم الجادة بضرورة مراجعة الطبيب وعدم إهمال الأمر لئلا يتفاقم ويصبح تهديداً حقيقياً لصحتي، ذهبت إلى المستشفى، بقيت لساعات هناك، أخذت التطعيمات اللازمة -والمؤلمة- التي فاقت الأربعة وعددا من المضادات الحيوية، وعدت لأنام بسلام بعد يوم طويل.

في طريقي إلى الفندق، سألني السائق عن خطبي، فبدأت موجة التذمر التي لا أعتقد بأنه كان يحتاجها الساعة الواحدة فجراً، قلت له بأني ساخطة على حظي الذي دائماً يتسلط ويعكر كل شيء عليّ وبأنه يفترض أن أنشغل بالفرح وتدوين ما غمرني من شعور لأني حققت حلم زيارة برلين، لا أن أكون بالمستشفى مع الإبر بسبب عضة كلب.

ضحك وقال سأخبرك بقصة وفكري بكلامي جيداً؛

عن بُعد، كنت أعرف فتاةً حلم حياتها كان أن تملك سيارة من نوع بورش، فعملت ليلاً نهاراً بأكثر من وظيفة على مدى سنين وحرمت نفسها من أبسط الأشياء لتجمع المبلغ اللازم، وبعد سنوات اشترت البورش وكانت سعيدة جداً بذلك كونها حققت حلم حياتها. وبعد أسبوع، في حادث سير؛ دُمّرت البورش وماتت الفتاة.

فمسألة أن تحققي حلمك رغم عضة الكلب وتبقين بصحة وعافية، أفضل من أن تحققي حلمك فيتلاشى وتموتي أنتِ.

أنا:……

همسة:

لن تنجو من المواقف التي لا تريد ومن الأحداث التي تكره، لكن افتح عينك وقلبك للحياة، تجاوز الموقف وتعلّم من الحدث واحمد الله دائماً واسأله ألا يغير الحال إلا لأحسنه.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.