الكويت– النخبة:
المصدر – القبس:
لم يكن قانون الجنسية الكويتية متعارضاً في بدايته مع تجنيس غير المسلم. ولم يحمل في نصوص مواده وبنوده أي شكل من أشكال التمييز الديني. تم تجنيس العديد من الأسر العربية الكريمة بالفعل ممن تعتنق الديانة المسيحية. اندمجت مع المجتمع الكويتي، ولم يعقها الاختلاف الديني عن أن تصبح جزءاً من نسيجه.
بيد أنه تم تعديل بعض أحكام القانون سنة 1982 م وإضافة بند يشترط على من يحصل عليها أن يكون مسلماً بالميلاد، أو مضى على اعتناقه الدين الإسلامي وإشهاره خمس سنوات. كما تسقط بقوة القانون إذا ارتد عن الإسلام، ويترتب عليه سقوطها عمن قد يكون كسبها معه بطريق التبعية.
يتعارض هذا التعديل والمادة الـ29 من الدستور التي تنص على: «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة. لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين». وهو ما وجب أن يثير المساءلة للحكومة وقتها عن كيفية تمرير مثل هذا التعديل بما يحمله من تعارض صارخ والدستور.
كما يتعارض أيضاً مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان الملزمة من قبل الكويت. والتي تعني بالقضاء على كل أشكال التمييز العنصري. ومنها العنصرية التي ارتكز عليها البند الـ5 من المادة الـ4، والمشار إليه آنفاً، بشأن التمييز في منح الجنسية وفقاً للديانة. وذهب إلى أبعد من ذلك في المذكرة التفسيرية، حيث نص في شرحه على أنه لضمان تكيف المتجنّس مع البيئة الكويتية وولائه لها وامتزاجه يقتضي الاعتداد بالتجانس الروحي والإبقاء على «نقاء مجتمع الكويت الإسلامي» لكي لا يكون «دخيلاً» عليه «شاذًا» فيه.
فهل من قاموا على وضع نص التفسير يعون تحميل هذا المعنى لأحكام القانون، بما فيه من تعصب وتمييز من دون الأخذ بالاعتبار قيم التسامح والتعايش، والمواطنين الكويتيين المسيحيين أو حتى ذوي أي توجه ديني آخر؟!
زُجّ قانون الجنسية الكويتية بهذا التعديل في طريق أحادي لا يقبل الاعتراف بالآخر رغم كل التغيرات والتحولات على صعيدي الإقليم والعالم. في الواقع من قام على هذا التعديل ومؤيدوه ومن رفض الاقتراح الجديد قبل أيام، والذي أقرّ بجواز تجنيس غير المسلم، هم أول من يهلل ويصفق لحكومات دول الغرب على منح الجنسية للمسلمين، بينما يفعلون النقيض في بلدهم الكويت بممارسة الإقصاء تجاه غير المسلم من التجنيس.
تقوم المواطَنة في دول العالم المتقدم على أداء الواجبات ومنح الحقوق. ويُقيّم المواطِن بالأخلاق والعلم والعمل والإنجاز. وحدها العنصرية والتخلف وضيق الأفق ما تقيّم المواطَنة والمواطِن بالعرق واللون والدين.