وجه النائب عمر الطبطبائي، انتقادا لاذعا إلى بعض أعضاء مجلس الأمة، معتبرا انهم لا يعملون لمصالح البلاد والعباد، بل «يعلمون؛ منذ دخولهم المجلس، لمصلحتهم الشخصية والانتخابية»، لافتا إلى «نواب سعوا إلى حلّ المجلس لإرضاء أطراف». وقال الطبطبائي في حوار مع القبس، إن عددا من النواب يتبارون على تقديم الاستجوابات بلا هدف حقيقي ومنطقي، إذ يقدمونها «لإثبات الوجود فقط، وبعض الاستجوابات الشخصانية غطت على الأخرى الصادقة، ما افقد هذه الاداة الدستورية هيبتها»، لافتا إلى ان الثقافة السائدة لدى بعضهم هي «أطق الوزراء عشان أصير بطل».
ورغم تقديره أن دور الانعقاد الثالث أفضل من سابقيه، من الناحية التشريعية، لكنه ذكر أن ثمة خلل يعيق التقدم في انجاز القوانين التي تفيد المواطنين، وأهم تلك العوائق «اللائحة الداخلية» للمجلس، موجها رسالة إلى زملائه النواب مفادها: «من يريد الإصلاح يجب ان يبدأ بنفسه اولا، فإصلاح المجلس ينطلق بتعديل اللائحة».
التفاصيل في اللقاء التالي بحسب “القبس”:
● ما تقيمك لدور الانعقاد الماضي؟
ـــ من الناحية الرقابية فإن الوضع كان جيداً، لكن يؤسفني القول إن المجلس ليس على قدر الطموح. صحيح ان دور الانعقاد الماضي، من الناحية التشريعية، افضل من الدورين الأول والثاني، لكن يبقى ان العجلة التشريعية بطيئة جدا، وهناك اسباب كثيرة لذلك، اولها اللائحة الداخلية، ونحن نقدم اقتراحات بقوانين في بدايه دور الانعقاد ونصدم بأنه يجري انجاز قوانين أخرى قدمت بعدها، لا اعلم اذا كان الخلل في اللجنة التشريعية او اللجان الاخرى المختصة، وبلا شك فإن اللائحة الداخلية لا تحتوي على جدول زمني يلتزم به اعضاء اللجان.
وهذا الامر ينعكس أيضا على الأسئلة البرلمانية التي نقدمها، فبعضها قدّم في 2016 ويصل الدور للرد في 2019، ما يعني ان المجلس بطيء جدا ولا يواكب التطور، إضافة إلى طريقة عمل بعض النواب والمصالح الخاصة.
مصالح شخصية
● ما هذه المصالح التي يعمل من أجلها بعض النواب؟
ــــ لا أعني المصالح المادية، فهناك مصالح سياسية ايضا، وهناك نواب هدفهم وشغلهم الشاغل هو حل المجلس لإرضاء اطراف بعينها، وهناك استجوابات تقدّم لاثبات الحضور فقط، وبسبب تهافت البعض على تقديمها فقدت هذه الأداة الدستورية هيبتها، وأسفر عن ذلك ان الاستجواب الصادق والحقيقي يضيع بين الاخرى الشخصانية التي تغطي عليه.
ونحن بدورنا تقدمنا بتعديل على اللائحة الداخلية لتنظيم عملية تقديم الاستجواب، بأن يناقش خلال يوم الخميس وليس ضمن وقت الجلسة حتى لا نعطل اقرار القوانين التي تفيد الناس، وهناك امور تحل دون استجواب، لكن للاسف فان عمل كثير من النواب انتخابي لا برلماني، وهذه مصيبة بحد ذاتها. ولذلك تقدمت مع النائب عبدالوهاب البابطين بتعديل بشأن وضع القوائم النسبية، لكنها ما زالت «مغموتة» في اللجنة التشريعية، وكذلك قدمنا قوانين بشأن الحريات ولم تنجز حتى الآن وقد وصلت إلى اللجنة المختصة «التعليمية».
● أين يكمن الخلل في إبطاء عمل المجلس في نظرك؟ وكيف تجري معالجته؟
ــــ يكمن الخلل الأكبر في اللائحة الداخلية، ومن يرد الإصلاح فيجب ان يبدأ بنفسه اولا، واعني بذلك اصلاح مجلس الامة، ونحن اليوم لا نستطيع محاسبة الحكومة وايدينا مغلولة، إذ تجب محاسبة النفس اولا وتعديل اللوائح ليكون لدينا حائط صد قوي نواجه به سوء الإدارة الحكومية، وفي تقديري أن من بين أسباب الفساد وضعف الإدارة بعض النواب أنفسهم.
«شغل انتخابات»
● ما توقعاتك لدور الانعقاد المقبل؟
ــــ لا شك أن دور الانعقاد المقبل سيكون ساخنا، فهو اخر ادوار الانعقاد في الفصل التشريعي الحالي، وهناك نواب يعملون «شغل انتخابات» منذ أول يوم لهم في المجلس، فما بالك في آخر دور انعقاد، بالتأكيد سيكون هناك تصعيد من اجل التصعيد.
وصحيح ان هناك استجوابات مستحقة لبعض الوزراء بسبب مشاكل ظاهرة مثل الشوارع والبطء في صيانتها ومحاسبة المسؤولين على هذه المهزلة وأذية الناس، لكن هذا الاستجواب لو قدم سيضيع بين الاستجوابات الاخرى التي يتهافت عليها البعض، لذلك نحن نحاول معالجة الموضوع بطريقة اخرى واذا لم نصل إلى نتيحة سنضطر إلى التصعيد السياسي في هذا الملف. والكارثة الحقيقية هي ان عمل بعض النواب انتخابي وليس برلمانياً، لذلك نرى بعض اللجان لا يكتمل فيها النصاب رغم ضرورة التصويت على قوانين وقرارات مهمة، وهذا الامر وضعنا له معالجة من خلال التعديل الذي تقدمنا به على اللائحه الداخلية.
حكومة بلا رؤية
● ما رسالتك إلى النواب؟
ـــ رسالتي إلى النواب الصادقين، وإن شاء الله يكونون كثراً إذا كانوا ينشدون الاصلاح فعلا، أن اول مؤسسة تحتاج للإصلاح هي المجلس، وتعديل اللائحة الداخلية سيفتح المجال لإنجاز كل القوانين، وبالنسبة لي ليست هناك مشكلة إذا سقط قانون تقدمت به، لكن يجب ان يكون ذلك من خلال التصويت وهذه هي الديموقراطية. ومما يؤسف له أيضا، أن الانقسام هو المهيمن في الشارع، فإما تكون مع اليمين أو مع اليسار، أي مع «فلان» أو مع «علان»، وهذا الوضع خطأ، ولوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في هذا الفرز والتصنيف، ومع كل الاحترام والتقدير هناك اشخاص كثيرون صادقون لكن في الوقت ذاته هناك اشخاصا موجهين ويعملون من خلال الحصول على مبالغ مالية ويحاولون خلق رأي عام مضاد.
● كيف تقيم أداء الحكومة؟
ـــ مشكلة الحكومة انها لا تملك رؤية يجتمع الوزراء حولها، حيث نرى ان كلا منهم يعمل منفردا بلا أفق جماعي محسوب ومنضبط، ولا هدف رئيسيا يجمعهم، وصحيح ان هناك وزراء يعملون باخلاص لكن الثقافة السائدة لدى بعض النواب اليوم هي «يجب ان اطق الوزراء عشان اصير بطل».
تعديلات صفاء الهاشم
أعرب عمر الطبطبائي عن أسفه من مسلكيات يتغذى عليها أصحاب الفكر الانتخابي ويستغلونها في توجيه الرأي العام بما يفيد أجنداتهم.
وضرب مثلا على ذلك بقوله: «أذكر ان النائبة صفاء الهاشم تقدمت بتعديل على قانون يخص شريحة المتقاعدين، وعندما حاولت جمع توقيعات من بين النواب، رفض بعضهم التوقيع لأنه في الدائرة الانتخابية ذاتها، وان التعديل لو مر سيكون إنجازا مسجلا باسم صفاء الهاشم، وبالتالي فإن المتقاعدين سيقفون بجانبها ويصوتون لها مستقبلاً»!
حسم ملف «المتقاعدين»
عدّد الطبطبائي، ملفات وقوانين مختلفة، قال إنها مهمة ويجب اقرارها خلال دور الانعقاد المقبل، مع تأكيده أهمية كل ملف وتشريع طالما أنه يهمّ شريحة معينة ويلبي احتياجها.
وقال إن من أبرز تلك الملفات والقوانين، ملف المتقاعدين الذي يرى ضرورة حسمه من خلال تعديل تشريعي، مشيراً إلى ان بعض النواب «ذهبوا أبعد من ذلك وبحثوا عن الشو الاعلامي والتصعيد من اجل الانتخابات، رغم اقتراحات بقوانين جاهزة».
وأضاف أن أهمية القوانين تختلف من شريحة إلى اخرى، ومهمة النائب الوقوف إلى جانب التشريعات الجادة والمجوّدة.
نواب يتهربون من وظيفتهم
شدد الطبطبائي على أن «وظيفة النائب هي التشريع والرقابة، وبعض النواب يتجاهل ذلك ولا يضع له الاعتبار الأمثل، وابرز الأمثلة على ذلك أن النواب بالمجلس اليوم خلال العطلة الصيفية يعدون على الأصابع، وبالطبع هم أحرار اذا كانوا يخلصون معاملات، وكان غيرهم مسافراً أو «ماله خلق»، لكن هذا الوضع خطأ، لأنك عضو مجلس أمة عمله رقابي وتشريعي ويجب أن تنجز الأعمال المناط به أداؤها».
