“الرجال أول من ارتدى أحذية الكعب العالي” قد تكون هذه المقولة صادمة للبعض ولكنها بالفعل مقولة حقيقية، حيث أقبل الرجال قديما على ارتداء هذه الأحذية قبل النساء، والذي كان شكله يختلف عن أحذية الكعب العالي الحالية.
بدأ ارتداء الرجال للكعب العالي في قارتي أفريقيا وآسيا، ويعتقد أن الدول الأوروبية عرفت هذه الأحذية عن طريق البلاد الآسيوية، خاصة تركيا وإيران “الإمبراطورية الفارسية سابقا”.
ظهر الكعب العالي أيضا في بعض البلاد الأفريقية، ففي مصر القديمة مثلا، بدأ استخدام الكعب العالي بأشكال متعددة ولأغراض كثيرة، حوالي عام 3500 قبل الميلاد، وكان شكل وحجم الحذاء يدل على الطبقة التي ينتمي إليها الشخص، فالفقراء كانوا يمشون حفاة، بينما الأغنياء يرتدون أحذية بنعل مسطح، وارتداء أحذية ذات كعب عالِ في بعض المراسم الدينية الهامة.
الجزارون أيضا في مصر القديمة كانوا يرتدون أحذية عالية، تفاديا لتعرض أقدامهم لدماء الأضاحي، بحسب ما جاء في التقرير الذي نشره موقع “Science ABC” المتخصص في تبسيط المسائل العلمية.
الكعب العالي بدأ استعماله في الحضارة الفارسية القديمة، حيث كان يرتديه بعض الفرسان رماة الأسهم، الذين كان يساعدهم الكعب على تثبيت أقدامهم في سرج الحصان، ليتمكنوا من الوقوف والتصويب بدقة على جنود الأعداء، بدون الخوف من الوقوع، ويمدهم بثبات وعلو يساعدهم أكثر في اختيار هدفهم.
انتقل الكعب العالي إلى القارة الأوروبية عن طريق زيارة دبلوماسية لوفد من الإمبراطورية الفارسية، عام 1599 في محاولة من الفرس لكسب دعم الدول الأوروبية في حربها ضد الإمبراطورية العثمانية.
وبعد زيارة الوفد الفارسي عرفت أوروبا الكعب العالي، خاصة أن الشعب الأوروبي كانوا متأثرين بقوة الثقافة الفارسية لتميزها، بحسب “الوطن”.
وبدأت النساء في أوروبا في ارتداء الكعب العالي منذ ذلك الوقت، أسوة بالرجال، كدليل على المساواة بين الرجل والمرأة، ووسيلة مفيدة لزيادة طول قامة بعض النساء القصيرات.
كاترين دي ميديسي، الأميرة الإيطالية وزوجة الملك الفرنسي هنري الثاني، كانت أول امرأة تلبس الكعب العالي، وذلك في حفل زفافها على الملك الفرنسي هنري الثاني، بسبب قامتها القصيرة التي لا تتعدى 150 سنتيمترا، وقد ساعد تبنيها لفكرة الكعب العالي على انتشارها بين نساء أوروبا، خاصة في الطبقة الارستقراطية، وكانت بعض الأحذية تزود بكعب عالي يبلغ ارتفاعه حوالي 60 سنتيمترا في بعض الأحيان.
الارتفاعات العالية والمبالغ فيها للكعب في الأحذية الجديدة تسببت في حدوث كثير من الإصابات بين النساء، حتى أن بعض النساء الحوامل أصبن بالإجهاض بسبب السقوط أثناء ارتداء حذاء الكعب العالي.
السقوط المتكرر والإصابات المتعددة التي كانت تتعرض لها النساء في أوروبا ترجع لطريقة تصميم الحذاء نفسه، الذي كان يصنع بحيث يكون الحذاء بالكامل مرتفعا عن الأرض، وليس الكعب فقط، ما استدعى صناع الأحذية بتغيير التصميم، ليكون مقدمة الحذاء غير مرتفعة، بينما يجرى زيادة ارتفاع منطقة الكعب فقط، وساعد ذلك على تمكين من يرتدي الحذاء على المحافظة على توازنه بشكل أكبر.
الكعب العالي أيضا كان يساعد على بقاء الفساتين الغالية الخاصة بنساء الطبقة الارستقراطية بعيدة عن الأرض، بحيث لا تلوث.
انتشر الكعب العالي بين النساء في أوروبا بمرور الوقت، ومنها على دول كثيرة حول العالم، واستمر الرجال كذلك في ارتداءه.
ولكن مع دخول أوروبا فيما يُعرف بعصر التنوير، اختلفت نظرة المجتمع على ملابس الرجال ومظهرهم بشكل عام، وذلك بسبب ازدهار الصناعة والبحث العلمي، وبدأت ملابس الرجال تتغير بحيث تتماشى مع فكرة الإنتاج والسرعة والرزانة، فأصبحت بعض العادات التي كانت سائدة من قبل بين الرجال، مثل ارتداء المجوهرات والملابس الحريرية أو الملابس ذات الألوان الفاقعة، من الأشياء التي تعرض الرجل للانتقاد الشديد، بوصفه شخص صبياني أو متشبه بالنساء.
التغير في الملبس الرجالي امتد للحذاء، الذي كان يتطلب أن يكون حذاء عملي، ما أدى في النهاية لاختفاء هذه الظاهرة واعتبر أنه منذ حلول عام 1740 أصبح الكعب العالي من المظاهر الأنثوية لا ينبغي للرجال التشبه بها.
