كان الكثير من المواطنين يجتمعون في جلسات تتخللها فقرات النقد والتحلطم على أداء الحكومة والوزراء، وكانت المسافة تبتعد يوما بعد يوم بين الحكومة والمجتمع، حتى جاء داء كورونا بواقع جديد، فتغيرت الأحوال.
واليوم نسمع الثناء والإطراء والمديح للحكومة ولأدائها بصوت عال، حتى من الذين كانوا ينتقدونها بالأمس القريب، إلى لدرجة أنك تظن انهم نسوا أنها هي ذات الحكومة التي كانوا ينتقدونها ويتحلطمون عليها قبل شهور في جلساتهم.
حسنا، لا شك أن الأداء الحكومي في بداية الأزمة كان له مفعول السحر الذي تزيغ له الأبصار، ويلفت الأنظار، ويجمع الأنصار، ويفرق الأغيار، لأن الحكومة أعطت بسخاء، واتخذت قرارات وإجراءات لم نكن نتوقع أن تمتلك الشجاعة في أن تتخذها، نزلت إلى الميدان، وسمعت شكاوى الناس وعرفت همومهم، ووفرت أغلب المتطلبات.
إلا أنه من الضروري أن نأخذ خطوة إلى الوراء لنرى المشهد بشكل أوضح وأشمل، ولنبتعد عن الضجيج الذي يلهب مشاعرنا ويعوقنا عن تحكيم عقولنا، وكي يتلاشى مفعول السحر لتظهر الحقيقة.
فما الحقيقة؟!.. الحقيقة هي أن الحكومة تسير على البركة، وبلا خطة ورؤية واضحة في مواجهة كورونا، بل هي في واقع الحال تتعرض إلى ضغوط شديدة من أكثر من اتجاه، لأن كل مشاكل وإهمال الزمن الماضي برزت فجأة؟
الحكومة تخطئ مرة وتصيب مرتين، وأسأل الله ان يستر علينا وعليها، رغم كل هذا الإجهاد والاجتهاد مازالت متماسكة وصامدة وترتجل وتجتهد ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.
نعم، الأخطاء الحكومية في أزمة كورونا موجودة، وهناك من يتداولها بصوت خافت، ويؤشر عليها بإصبعه، ولكن أي انتقاد على الحكومة صار يواجه بحملات من القمع وتكميم الأفواه، والتخوين ببعض الأحيان في وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام.
حتى بعض اعضاء مجلس الامة الذين طرحوا عددا من النقاط المحورية والجوهرية، قوبلوا برد فعل عنيف، ودفاع مستميت عن الحكومة.
يا جماعة.. الدفاع عن الخطأ سيعمم الأخطاء، ويجعلنا نتخبط، ونتراجع ويجعلنا نضل الطريق، ونضيع بوصلتنا، بعد ان كنا نسير في الاتجاه الصحيح.
والأعدل والأعقل والأفضل هو إن أخطأت الحكومة نقوم بتوجيهها ونصحها لتدارك الأمر، وليس التطبيل وإظهارها كأنها معصومة عن الزلل ولا تنطق عن الهوى!
الانقياد الأعمى إلى من يدافع عن الإجراءات والقرارات كلها حتى تلك المتخبطة والخاطئة سيسرع في دمارنا، فعلينا التعامل بعقلانية وموضوعية، ولا ننجر إلى الهاوية، مهما كانت الأصوات عالية.
المطلوب نهدى شوي.. لأن الكويت الآن تحتاج إلى الإنسان الصادق المخلص الذي يخاف الله في هذا الوطن وأهله، ويخلص ويصدق النصيحة التي بها العلاج والشفاء، وليس إلى الذي عنده الحق والباطل سواء او الطبال المتسلق المتزلف!
بقلم عبدالحميد المضاحكة
@bo_mbark
