أصبحت سيدة تقيم في نيويورك أول امرأة بالعالم تتعافى من مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) بعدما تمكن رجلان في السابق من التخلص من الفيروس، رغم أن المرض يتطور بشكل مختلف لدى النساء وفق ما أورده تقرير نشرته صحيفة التليغراف.
وهذه أول مرة يتم فيها استئصال المرض من جسم امراة في العالم، وأيضا أول مرة يستخدم فيها الأطباء الخلايا الجذعية المستخرجة من دم الحبل السري في العلاج.
والتحقت هذه السيدة بمجموعة صغيرة من الأشخاص، الذين تمكنوا خلال السنوات الأخيرة من قهر هذا المرض.
وتمهد هذه المجموعة من المتعافين الطريق أمام الباحثين، بحسب تقرير نشرته «وول ستريت جورنال»، لهزم أحد أكثر الفيروسات المقاومة.
ولم تكشف الفحوصات المعمقة التي أجريت للمرأة وفق ما أعلنه الأطباء، وجود فيروس الإيدز في دمها، وذلك منذ أن توقفت عن تناول العلاج المضاد للفيروسات في أكتوبر 2020 في أعقاب خضوعها لزراعة خلايا جذعية تحتوي على طفرة وراثية نادرة تثبط تطور الفيروس. ولفت الأطباء، وفق ما نشرته الصحيفتان، إلى أنهم يعتبرون أن السيدة في حالة تعاف طويلة الأمد، ما يعني الشفاء التام، وأن جسدها بات يخلو من فيروس «إيدز» قادر على التكاثر.
وأوضح مارشال غليسبي، الذي يرأس قسم الأمراض المعدية في المركز الطبي Weill Cornell Medicine خلال عرضه حالة السيدة في مؤتمر الفيروسات القهرية وأمراض العدوى الانتهازية عن بُعد «أن ما حصل مع مريضته واعد جداً».
وكانت السيدة التي تعاني سرطان الدم خضعت لزراعة خلايا جذعية تبرع بها قريب لها بالغ، ولزراعة دم من الحبل السري لمولود لا يمت بصلة قرابة لها. ويرى د.غليسبي وباحثون آخرون أن هذا العلاج يمكن أن يناسب عدداً أكبر من الأشخاص مقارنة بعمليات الزراعة التي سمحت بقهر فيروس نقص المناعة المكتسبة لدى ثلاثة مرضى آخرين، لأن دم الحبل السري لا يحتاج إلى تطابق جيني محدد مع المريض الذي يتلقاه.
شفاء ممكن
في الحالات السابقة دخل المرضى المصابون بمرض نقص المناعة المكتسبة في حالة تعاف طويلة الأجل، وذلك بعد خضوعهم لزراعة خلايا جذعية من متبرعين بالغين، تحتوي على طفرة وراثية مقاومة لفيروس الايدز، والمريضة النيويوركية تلقت نوعين من الخلايا الجذعية المختلفة اثناء عملية الزراعة.
ويستخدم فيروس الإيدز نسخاً طبيعية من هذه المورثة، حتى يتسلل إلى خلايا الجهاز المناعي للمريض، لكن الطفرة تجعل المورثة غير نشطة، ما يعيق دخول الفيروس الى الخلايا.
38 مليوناً في العالم
يأمل الباحثون في التوصل الى علاج، يمكن أن يتناوله ليس فقط المرضى المقيمون في المراكز الطبية المنتشرة في الدول المتطورة، وانما أيضاً في افريقيا جنوب الصحراء، حيث يعيش ثلثا المصابين بالايدز في العالم والذين يبلغ عددهم 37.7 مليون شخص.
ومع ذلك تشير الباحثة الأسترالية إلى أن تفاصيل علاج المريضة النيويوركية، يمكن أن تساعد الباحثين في تطوير علاج وراثي يسمح للمرضى بالحصول على طفرة مقاومة لفيروس الإيدز.
ووصف الدكتور ستيفن ديكز من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو والذي يعد أحد رواد الابحاث في هذا المجال، علاج المرأة بخريطة طريق لاستخدام خلايا الشخص نفسه، مما سيكون أكثر أماناً وقابلاً للتطور.
وتم علاج هذه السيدة وهي في منتصف العمر وتنحدر من أعراق مختلفة، من قبل أطباء في مركز Weill Cornell Medicine و New-York Presbyterian في إطار دراسة مولها المعهد الوطني للصحة، إذ خضعت لزراعة لعلاج اللوكيميا الحادة من النخاح الشوكي، بالاضافة الى الإيدز الذي أصيبت به قبل أربع سنوات من إصابتها بسرطان الدم.
العلاجات الوراثية
يعد تيموثي راي براون أول شخص أُعلن شفاؤه من الإيدز وكان يلقب بـ«مريض برلين»، ودفع تعافيه الباحثين لاستغلال العلاجات الوراثية التي يحتمل أن تؤدي الى الشفاء، لكنه توفي في 2020 بعد أن انتكس نتيجة اصابته بسرطان الدم. وفي 2019، أعلن الأطباء تعافي مريضين آخرين، هما رجلان، أحدهما من لندن والثاني من دوسيلدورف الالمانية وقد دخلا مرحلة التعافي الطويل الأمد من الايدز، بعد أن خضعا لعملية زراعة وأوقفا تناول الأدوية المضادة للإيدز. واكتشف الأطباء أيضاً سيدتين شفيتا فعلاً من الايدز بفضل نظامهما المناعي الذي تمكن من القضاء على الفيروس، من دون تناول الأدوية.
وكانت المريضة النيويوركية خضعت للزراعة في أغسطس 2017 ورغب أطباؤها في تجربة علاجها من الايدز وسرطان الدم، غير ان المتبرعين المتوافقين معها لم يكن لديهم طفرة CCR5 النادرة والتي عادة ما توجد لدى القوقاز في شمال أوروبا.
100 يوم حاسمة
أوضح مارشال غليسبي اختصاصي زراعة الخلايا الجذعية في مركز Weill Cornell Medicine أن الأطباء اقترحوا على السيدة الأميركية المتعافية زراعة خلايا جذعية من دم الحبل السري، لأنها لا تحتاج أي تطابق وراثي. وأضاف: عمليات زراعة دم الحبل السري سهلة جدا ودم الحبل السري الذي استخدمناه كان يحتوي على طفرة مقاومة لفيروس الإيدز.
وتحتاج زراعة دم الحبل السري الى 30 يوماً، وقد سرّع الأطباء العملية وأكملوها بزراعة خلايا جذعية تبرع بها أحد أقرباء المريضة وفي ظرف 100 يوم أصبحت جميع خلايا المريضة مشتقة من خلايا دم الحبل السري المقاومة للإيدز.
