✍ بدر خالد البحر:
تقول الباحثة آنجيلا سايني، في كتابها «أمة من العباقرة…»، وتقصد العباقرة والكادحين والمهرة في الهند، إذ إن كل واحد من خمسة عاملين في حقل الرعاية الطبية في بريطانيا، هم من أصل هندي، وثلث المهندسين العاملين في منطقة وادي السليكون لتكنولوجيا العالم في كاليفورنيا من أصل هندي، كما يدير الهنود 750 شركة من شركات التقنية في العالم، ستة منهم يديرون أكبرها، مثل شركتي غوغل ومايكروسوفت.
ونزيد نحن على السيدة آنجيلا أن شركة البترول الوطنية الكويتية، التي عملنا فيها مطلع التسعينات، وتدربنا على أيدي مهندسين هنود، التي تضم آلاف العاملين من مدير إدارة إلى عامل، كانت تسمى بين الناس كدعابة شركة البترول الوطنية الهندية، كل ذلك لأن الهند العبقرية وضعت قانوناً يقضي بحبس أي غشاش بالاختبارت المدرسية والجامعية 10 سنوات، قرار جعل 600 ألف طالب ينسحب من الامتحانات، قبول الجامعة بما يعادل %10 من المسجلين.
أما الصين «اللي ما عندها وقت تضيعه»، فالعقوبة الجنائية هي السجن سبع سنوات، التي يؤدي فيها أكثر من تسعة ملايين طالب الامتحانات، وفي دولة القانون السويد، ذهبت الى حد الغرامات المالية والسجن حتى 6 شهور، لذا فلا يأتينا أحد وينعق ضد قرار فصل الطالب الغشاش، وتدوير مديري المدارس وإلغاء اختبار الايلز.
لقد بح صوت مؤسسي الجمعية الكويتية لجودة التعليم منذ أول ندوة عقدوها في مقر أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت ــ مشكورين ــ في مايو 2016، عندما صرخنا أن هناك غشاً جماعياً، وتقدمنا بعدها ببلاغين للنيابة العامة، آخرهما عام 2018، ليأتي معالي وزير التربية د. حامد العازمي بعد مرور عامين، ليكشف ما كنا نتحدث عنه من كارثة، بقراره الجريء الشجاع بفصل الطالب الغشاش في جميع المواد، وتدوير مديري المدارس قبل الاختبارات، وهو أذكى قرار تاريخي اتخذه وزير تربية على الاطلاق، لذا فمعاليه يحتاج دعماً من جميع أطياف المجتمع، وليس فقط من جميع الجهات والشخصيات الأكاديمية، لأنه قطع أطراف مثلث الفساد (طالب ــ ولي أمر ــ استاذ) في ضربة واحدة، بعد أن نخر هذا المثلث جسد التعليم، واتخذ بقراره آخر العلاج وهو القطع و«الكي»، لأننا وصلنا إلى قاع سحيق من الفساد التربوي، أصبح الغش كالتهاب «الغانغرين» المستعصي، إن لم يقطع مات جسد التعليم.
نقول للدكتور حامد نحن معك، فلا تراجع، ثم نلتفت الى الوراء لنقول لأي نائب قد يفكر في معارضة قرار وزير التربية «عيب»، ونقول لكل ولي أمر أو ناشط أو معلم، يحاول الوصول للنواب والمسؤولين، لإيقاف القرار «عيب»، ونقول لأي طالب عارض أو اعتصم ضد القرار «عيب»، لأن الغش جريمة يجب أن يخجل صاحبها وتقطعه أنياب تأنيب الضمير لارتكابها، لا كما شاهدنا من تصرفات تنم أن الغش ثقافة راسخة ومتوارثة في كروموسومات بعض أفراد المجتمع.
نقولها مرة أخرى للدكتور د. حامد لقد صنعت تاريخاً غير مسبوق، فلا تراجع، لأننا معك في مواجهة الغش الذي وصل الى «منتهى قلة الأدب»!
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
بدر خالد البحر
