في شهر رمضان الكريم تعتبر الأسواق الخليجية من الأماكن الأكثر حركة، خاصةً الأسواق التراثية التي توفر بضائع تحتاج إليها العائلة في هذا الشهر الفضيل، سواء كانت مأكولات أو ملبوسات أو عطوراً أو مواد زينة وغيرها.
ودول الخليج تحتضن أسواقاً شعبية عديدة، بعضها تراثية تعود لقرن أو أكثر، وتلك بطبيعة الحال تكون أيضاً هدفاً للغرباء من الزوار سواء كانوا سائحين أو قادمين لعمل ما؛ حيث تعكس هذه الأسواق تراث تلك الشعوب، وهو ما يبحث عنه الغرباء.
وكثيراً ما تتشابه الأسواق الشعبية في الخليج بعضها مع بعض، سواء في شكلها أو بما تقدمه من بضائع، لكن يبقى لكل واحد منها ميزات ينفرد بها عن غيره من الأسواق.
سوق مطرح
يعتبر سوق مطرح من أقدم الأسواق في عُمان ويرجع تاريخ نشأته إلى نحو مئتي عام، وكان لذلك التقادم في السنين أثر عكَس جماله على هذا السوق.
لا يمكن رؤية السوق من الخارج؛ فهو امتداد عميق داخل المدينة، يبدأ ببوابة تواجه بحر عُمان وطريق مطرح البحري، وينتهي ببوابة أخرى على المدينة القديمة من الجانب الذي تستقبل منه زوارها القادمين من غالبية القرى والمدن العمانية.
سوق مطرح يعد نموذجاً للأسواق الشرقية القديمة، إذ يمتاز بممراته الضيقة المتعرجة، المسقوفة بالخشب.
للسوق تسمية أخرى معروفة بين أهل البلد وهو سوق الظلام، ويرجع سبب إطلاق هذه التسمية إلى كثرة الأزقة والسكك التي كانت تصطف عليها المتاجر، بحيث تحجب عن هذه الأزقة أشعة الشمس خلال النهار.
هذا السوق يتميز بروائحه الزكية؛ حيث تنبعث منه دوماً روائح اللبان والبخور والعطور العربية والبهارات الهندية، وتنتشر أيضاً محال بيع الحلوى العُمانية الشهيرة.
ويتميز السوق أيضاً بتنوع معروضاته سواءً من المشغولات اليدوية كالفضيات والخناجر والأقمشة التقليدية، أو الجديد من المصنوعات.
سوق المباركية
المباركية يعتبر أبرز وأشهر أسواق الكويت الشعبية، فهو سوق تراثي ويتميز بتصميمه الذي يشبه الأسواق القديمة.
ويزخر سوق المباركية بعديد من المقتنيات الأثرية القديمة التي يعود تاريخها لمئات من السنين، والتصميم الهندسي التراثي الذي يجعل السائح يعيش أجواء الأسواق التراثية القديمة، سواء بمقتنياتها ومحتوياتها أو تصميمها.
في عام 1897 افتتح الشيخ مبارك الصباح كشكاً، واعتبر الكشك ديواناً لإدارة الشؤون العامة، والاستماع إلى آراء ومشكلات الناس، ثم أصبح أول محكمة في الكويت.
سُمي سوق المباركية بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ مبارك الصباح، ونشأ على يد التجار الكويتيين، الذين كانوا يجلبون بضائعهم من العراق والهند وأفريقيا عبر السفن ويلتقون في هذه السوق لتبادل البضائع.
أخذت السوق شهرة واسعة على مستوى الخليج، لا سيما أنها السوق المغذية لدول مجلس التعاون، ومن بعدها أصبحت ملتقى تجارياً لتجار الخليج العربي.
السوق تزخر بأنواع وفيرة من مختلف المواد الغذائية والاستهلاكية، والمقاهي الشعبية والاستراحات والمطاعم.
سوق الزل
تمثل سوق الزل في مدينة الرياض الصورة الحقيقية للتراث السعودي، حيث يعود تاريخها إلى عام 1901، ويحيط بالسوق قصر المصمك وشارع الثميري وجامع الإمام تركي بن عبد الله.
يشتق اسم الزل من “زولية” وهو الاسم العامي الدارج للسجاد، ويضم مجموعة من الأسواق الشعبية.
يشعر من يتجول بين دكاكين السوق العتيقة بأنه في الماضي، ففي تفاصيل أروقتها قصص لا تنتهي وتاريخ طويل وأجيال من التجار الذين تعاقبوا على مدار أكثر من 120 عاماً.
في سوق الزل تباع جميع أنواع الملبوسات والمواد الغذائية، فضلاً عن المصنوعات التراثية القديمة.
ورغم بساطة السوق فإن ما يميزها هو تفاصيل مبانيها التي بقيت كما هي منذ بدايتها.
زيارة سوق الزل تُعد بمنزلة تجربة فريدة يتمتع بها زوار السوق من محبي المصنوعات اليدوية، حيث تتوافر لهم فرصة مميزة لرؤية تشكيلة واسعة من الأعمال اليدوية وتأمُّل تفاصيلها الجميلة واقتناء بعضها.
سوق واقف
أما سوق واقف فيعتبر أحد أهم المعالم السياحية في قطر، ويجمع السوق بين الحداثة والماضي العريق، ويرجع سبب تسمية سوق واقف بهذا الاسم إلى أنَّ الباعة كانوا يقفون على جوانب الطريق المؤدي إلى السوق الكبير في الدوحة، ويبيعون بضائعهم.
يعدّ السوق من أهم المعالم التراثية التي تجذب سياح العالم، والمواطنين، والمقيمين؛ إذ يزوره كبار الزوار، ويفتتنون بجمال عمارته، وأصالته، وبيئته المستنبطة من العمارة الإسلامية التقليدية.
ينتشر في جنبات السوق عدد من المقاهي، والمطاعم العربية التي تجذب الزوار من مختلف الجنسيات لتناول الطعام فيها.
والسوق مبني من الحجارة، والطين، والأخشاب، وهذا ما منحه مكانة مميزة، وجعله مكاناً تراثياً يستحق الزيارة.
في السوق تباع مختلف البضائع، خاصةً التراثية، وفيه أقسام مختلفة، مثل بيع الطيور، وأخرى لبيع المصنوعات التراثية، والمواد الغذائية والعديد من السلع.
ويحتوي أيضاً على مركز للفنون، وتقام فيه عديد من الفعاليات والمناسبات كل عام.
سوق مرشد
بدوره يعتبر سوق مرشد من أجمل وأهم المعالم السياحية التراثية الإماراتية، ويقع في إمارة دبي، وهو أيضاً من أكبر وأقدم الأسواق الشهيرة في الإمارات.
ترجع شهرة السوق إلى شعبيتها ورخص أسعار المنتجات المعروضة بها، حيث إنها تحتوي على أكبر الأسواق الخاصة لبيع المنتجات الجملة والمفردة التي تكون من أجود أنواع البضائع.
تعتبر السوق من أجمل الأماكن التي يفضل زيارتها من قبل السائحين والمواطنين الإماراتيين، خاصةً أهالي دبي؛ وذلك لشهرته الواسعة في عديد من المجالات.
ومن أهم ما يباع في السوق، عطور العود والزعفران ومختلف أنواع العطور بمختلف أنواعها؛ فالسوق تنتشر فيها مختلف أنواع العطور التي يمكن استنشاقها حين الولوج إليها وهو ما يزيد من متعة التجوال فيها.
السوق يحتوي كذلك على مجموعة من الأسواق الكبيرة، ويضم أسواقاً للذهب ولبيع العباءات، وأسواق الهدايا والكماليات، حيث يتوافد السائحون من مختلف الجنسيات لشراء لوازمهم منها.
سوق القيصرية
في دولة البحرين يعتبر سوق القيصرية من الأسواق التاريخية التي تتمتع بالطابع الأثري والحضاري، لذا فهو يُعد أحد أسواق البحرين القديمة المهمة.
يقع السوق داخل محافظة المحرق، ويتمتع بتصميم معماري متميز للغاية يشبه العصور الإسلامية القديمة، إضافة إلى تميزه وانفراده ببيع أجمل المنتجات الأصلية من اللؤلؤ الطبيعي.
أنشئ هذا السوق منذ القرن التاسع عشر الميلادي، وكان الاقتصاد آنذاك يعتمد على استخراج اللؤلؤ الأصلي من البحار والمحيطات، لذا قررت حكومة البحرين أن تنشئ سوقاً يتسع لبيع مستخرجات البحر من اللؤلؤ الأصلي الحاصل على شهادة بذلك.
احتوى القيصرية على 300 محل استُخدمت للتجارة العامة وتجارة اللؤلؤ وبناء القوارب، وفي نهاية القرن الـ19 نمت الأنشطة التجارية بعدما قررت شركة الهند الشرقية اتّخاذ البحرين مركزاً لبيع بضائعها، بالتوازي مع صعود صنعة وتجارة صيد اللؤلؤ بشكل كبير في هذه المرحلة من تاريخ المملكة.
وصنفت منظمة اليونسكو سوق القيصرية من بين قائمة التراث العالمي والإنساني وذلك في عام 2012؛ مما يعني أن لهذا السوق قيمة تاريخية وأثرية كبيرة للغاية، فعلاوة على أهميته التاريخية يُعد موقعه أيضاً سمة من سماته الرائعة، حيث إنه يقع بالجهة الغربية من جزيرة ديار المحرق.