لماذا لن يُجدي حظر تيك توك؟

يرى الكاتب والمحلل فريد زكريا في مقال بصحيفة “واشنطن بوست” أنه على الرغم من أن تطبيق “تيك توك” الصيني يُسبب الإدمان بشكل مخيف مع 150 مليون مستخدم أمريكي بما في ذلك 2 من كل 3 مراهقين، كما أنه يشكل خطرا على الأمن الأمريكي، إلا أن حظره لن يُجدي نفعاً لأسباب عدة.

يقول زكريا إن “حجة حظر تيك توك واضحة ومباشرة، إذ إن التطبيق مملوك لشركة صينية ويمكن إجباره على الانصياع لإملاءات الحكومة الصينية، ما يُشكل مصدر قلق مناسب للولايات المتحدة، حتى لو لم يكن هناك دليل على أن هذا قد حدث على الإطلاق”.

سلوك خبيث

ما هو السلوك الخبيث الذي يمكن أن ينخرط فيه تيك توك؟ يتساءل فريد قبل أن يجيب: “أولاً، يمكنه جمع البيانات من مستخدميه وإرسالها إلى بكين، لكن إذا كانت بكين تريد هذه المعلومات، فلديها العديد من الطرق للحصول عليها، إذ إن جميع التطبيقات الأكثر شيوعاً تجمع نوعاً من بيانات المستخدم الشخصية وتتشارك جميعها مع أطراف ثالثة”.
لكن الكاتب يرى أن “هناك طريقة أفضل بكثير لحل هذه المشكلة، حيث إن قانون شامل لخصوصية البيانات من شأنه حماية جميع بيانات الأمريكيين ومنح الناس الحق في منع الشركات من استخدامها أو إساءة استخدامها وبيعها. لكن لسوء الحظ، فإن مواجهة التكنولوجيا الكبيرة هي معركة أصعب بكثير من ضرب الصين”.

يقول معظم التقنيين الذين تحدث إليهم الكاتب إنهم يعتقدون أنه سيكون من السهل منع نقل المعلومات عن طريق وضع جميع البيانات في الخوادم الأمريكية ومراقبة استخدامها، وهو أمر التزم به “تيك توك” بالفعل، كما تعمل غوغل وغيرها من منصات التكنولوجيا الأمريكية في أوروبا تحت قيود بيانات مماثلة.

معلومات معادية

أما السلوك المخيف الثاني بالنسبة لتطبيق “تيك توك” هو أنه سينقل معلومات معادية لأمريكا من خلال منصته، ليصبح وسيلة خفية للدعاية الصينية، لكن الكاتب تساءل: “كيف نشعر إذا علمنا أن شركة إعلامية صينية قد بدأت قناة إخبارية تبث أحياناً رسائل معادية لأمريكا؟ سيتم حظرها وهذا قانوني بالفعل، لكن الولايات المتحدة لم تحظر الدوائر التلفزيونية المغلقة في الصين وهي منصة إعلامية مملوكة للحكومة.
ويوضح الكاتب وجهة نظره بالإشارة إلى أنه “إذا حظرنا تيك توك، هل سنحظر أيضاً شركات الإعلام الصينية من توزيع الكتيبات أو الكتب في الولايات المتحدة؟ هل سنحظر جميع شركات ألعاب الفيديو الصينية؟ هل سنحظر إحدى أعمدة الصناعة العالمية؟ إن فرضية المجتمع المفتوح هي أن الناس يجب أن يكونوا أحراراً في استهلاك المعلومات التي يريدونها” .
ويضيف زكريا أن “مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين طرحت تشريعاً من شأنه أن يجعل من السهل حظر أي شركة يكون لأي خصم أجنبي (مثل الصين) أي مصلحة فيها، والتي من شأنها أن تغطي تقريبا أي شركة لديها أي عمليات في الصين (أو دول أخرى)، ويمنح هذا القانون سلطات غير محدودة تقريباً للإدارة الأمريكية لمنع أو معاقبة أي شركة لديها منتجات أو خدمات تقنية أو معلومات تشكل من وجهة نظر الإدارة خطراً غير مبرر أو غير مقبول على الأمن القومي الأمريكي أو سلامة الأشخاص الأمريكيين”.

حظر الأفكار

يقول فريد زكريا “نحن نعيش في أوقات تحظر فيها حكومات الولايات الكتب بالمئات، وعندما يعتبر الكلام سلاحاً وعندما يتحدث السياسيون علانية عن حظر الأفكار فإن هذا فعل خطير جداً”.

 

ويضيف الكاتب “أؤيد العديد من جهود إدارة الرئيس جو بايدن للتنافس مع الصين من خلال الاستثمار والبناء في الداخل ودعم التحالفات وتقييد وصول الصين إلى أعلى مستوى من التقنيات وبناء رادعنا العسكري. لكن مفتاح نجاح الولايات المتحدة وديناميتها عقدا بعد عقد، كان انفتاحها وابتكارها وإيمانها بالمنافسة القوية للأفكار والمنتجات والخدمات. لهذا السبب تميل تقنيتنا إلى أن تكون أفضل من تلك التي تخرج من المجتمعات المغلقة، ويجب ألا نفقد هذه الثقة في حالة من الذعر من تطبيق صيني واحد”.
ويختتم زكريا مقاله بالإشارة إلى أنه “لسنوات، كنا نعتقد خطأ أنه مع انفتاح الصين اقتصاديا، ستصبح أكثر تشبهاً بنا، لكن انظروا إلى ما نحن عليه اليوم.. لقد شرعنا في التخطيط الاقتصادي المركزي بإعانات ضخمة للصناعة، والآن نقترح قيوداً صارمة على التدفق الحر للمعلومات، يبدو أن ما يحدث هو العكس، وأننا أصبحنا ببطء أكثر تشبهاً بهم”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.