التحول الرقمي في القطاع النفطي.. كيف استفادت منه دول الخليج؟

تسعى الشركات النفطية الخليجية إلى التحول الرقمي واستثمار التقنيات الذكية، لتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف ورفع الجودة وتعزيز الاستدامة وتوفير الوقت والموارد.

ويعد توجه شركات النفط الخليجية نحو الرقمنة أحد أهم أركان استراتيجية هذه الشركات لمواكبة التطور العالمي، حيث اتخذت العديد من الإجراءات لتحقيق هذا الهدف.

السعودية

وفي خطوة جديدة تعزز خططها للتحول الرقمي، وقّعت شركة “أرامكو”، عملاق الطاقة السعودي، مذكرة تفاهم مع شركة “سامسونغ” للإلكترونيات الكورية، لتوطين شبكات اتصالات الجيل الخامس الصناعية.

وتهدف مذكرة التفاهم التي جرى توقيعها في 23 مارس 2023، إلى رسم أطر تعاون استراتيجي يستهدف توطين المنظومة الصناعية لتقنية الجيل الخامس في السعودية، بداية من الشبكات الخاصة.

ويشير موقع “الطاقة” السعودي إلى أن “أرامكو” تبنّت استراتيجية متكاملة لتعزيز التحول الرقمي؛ لدوره البارز في مستقبل قطاع النفط والغاز، ليس من حيث الكفاءة فحسب، بل لدفعه عجلة الابتكار وتوفير فرص العمل والكفاءات الماهرة في المجال الرقمي، كما يحدّ استعمال هذه التقنيات من البصمة الكربونية.

ويهدف تعاون “أرامكو” مع سامسونغ إلى الإسهام في التحول الرقمي للقطاعات الصناعية المختلفة في السعودية، مثل الطاقة والبتروكيماويات والتصنيع.

ومنذ إطلاقها برنامج التحول الرقمي عام 2017، تؤكد أرامكو نجاحها في تسريع وتيرة أعمالها، وتحسين السلامة والكفاءة والاستدامة.

قطر

وشهد قطاع النفط والغاز في قطر بعض التغييرات الجذرية خلال السنوات القليلة الماضية، حيث أسهم التحول الرقمي في تعزيز نمو قطاع الطاقة المحلي.

وعقدت شركة “قطر للطاقة” من خلال برنامج “توطين”، شراكة استراتيجية مع “مايكروسوفت” الأمريكية بهدف تسريع التحوّل الرقمي في قطاع الطاقة بالبلاد وتحقيق أهداف البرنامج.

وأوضحت صحيفة ” الراية” القطرية في 28 سبتمبر 2022، أن الهدف من هذه الشراكة هو تطوير المهارات وتسريع التحوّل الرقمي وبناء نظام مبتكر للشركاء.

وبموجب هذه المذكرة، ستركّز الشركتان جهودهما على بناء قدرات القوى العاملة وإعادة تأهيلها؛ لتمكينها من النجاح في العصر الرقمي والحفاظ على خطط التحوّل الرقمي مثل البرنامج الوطني لبناء قدرات قطاع الطاقة وغيرها.

وستتمكن الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة ذات الكفاءات من الانضمام إلى شبكة شركاء الطاقة المحليين والعالميين الذين يقومون بقيادة الابتكار المسؤول عبر قطاع الطاقة بهدف بناء حلول رائدة للطاقة من أجل خدمة المنطقة والعالم.

الإمارات

وأطلقت شركة بترول الإمارات الوطنية “إينوك”، الخميس 23 مارس 2023، استراتيجية من 5 محاور، للارتقاء بالمجموعة إلى صدارة مزودي أفضل الحلول العالمية في قطاع الطاقة المستدامة والمتكاملة.

وأكدت الشركة أن تنفيذ الاستراتيجية سيكون بالتركيز على الكفاءات التشغيلية والتعاون وتطبيق تقنياتها الرقمية، وتقديم تجربة موحدة عبر سلسلة القيمة الخاصة في قطاع الطاقة.

وفي هذا الإطار، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة “إينوك”، سيف حميد الفلاسي، إن الشركة سجلت خلال 2022، قفزات نوعية في تحقيق طموحاتها على صعيد الاستدامة، فضلاً عن الاستمرار في مسيرة تحولها الرقمي، “التي تقود الابتكار وتعمل على تلبية متطلبات العملاء وسط مشهد من التغيرات التكنولوجية المتسارعة”.

وتعد “إينوك” أول من يطبّق النظام الذكي الأحدث لإدارة إمدادات الوقود في الإمارات، وسجّلت المجموعة أتمتة ما يزيد على 1000 عملية في عام 2022، بالشراكة مع شركة “ساب” العالمية، وتوسّعت في قطاع تجارة التجزئة إلى 186 محطة خدمة.

الكويت

وبدأت الكويت في الفترة الأخيرة، بتطوير بعض المشاريع الرقمية المتعلقة بقطاع النفط والغاز، وذلك بهدف زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة والجودة.

وكشف منسق وحدة التحول الرقمي في شركة “نفط الكويت”، حمد سالم الرشيدي، أنها نجحت خلال 2022 في تخفيض التكاليف بمقدار 100 مليون دينار (326.087 مليون دولار) من خلال مشاريع التحول الرقمي، وزيادة الإنتاج بأكثر من 300 مليون دينار (978.263 مليون دولار).

وأوضح الرشيدي خلال الحلقة النقاشية التي نظمتها العلاقات العامة والإعلام بوزارة النفط في 14 مارس 2023، أن أكثر من 90% من آبار النفط الكويتية التي يتجاوز عددها 4000 بئر نفطية، تم تحويلها للعمل بالنظام الذكي.

من جانبها، قالت رئيسة وحدة “كوديف” بقسم تطوير حقول الغاز الجوراسي في شركة نفط الكويت، آلاء الصالح، إنه تم تفعيل المنصات الرقمية التابعة لقسم تطوير حقول الغاز الجوراسي، بهدف تركيز الجهود للوصول إلى سقف إنتاج 950 مليون قدم مكعبة من الغاز الحر.

وأسهم الحقل الرقمي الذكي في زيادة وتحسين الإنتاج اليومي للغاز بالكويت، من خلال تحقيق التكامل بين الإنسان والتكنولوجيا.

البحرين

ويعد قطاع الطاقة في البحرين أحد الأمثلة الحيّة على القدرة لتحقيق قيمة جديدة بالاعتماد على مواردها الطبيعية من خلال تبنّي حلول الجيل الخامس التي أثبتت جدارتها على مستوى رفع الإنتاجية وسلاسة وكفاءة عمليات التشغيل.

وكشفت صحيفة “الوطن” البحرينية في 25 يوليو 2022، أن شركة “هواوي” أطلقت حلولها التقنية الحديثة لإدارة حقول النفط والغاز الذكية، بهدف مساعدة شركات النفط والغاز على تحقيق التحول الرقمي.

ويستهدف التحول الرقمي تمكين شركات النفط والغاز في البحرين من التعامل مع المخاطر بفاعلية أكبر، في ضوء القدرات الكبيرة لتحليل البيانات والاستجابة لحالات الطوارئ بسرعة، وبناء أنظمة متماسكة لضمان أمن المعلومات وجدوى العمليات التشغيلية.

ونجحت الحلول الرقمية في تأمين متطلبات الأمن والكفاءة؛ مما ساهم في تعزيز الاحتياط والإنتاج، وتحسين الكفاءة، والحد من التكاليف والانبعاثات الكربونية، وضمان السلامة التشغيلية.

سلطنة عمان

وسارعت سلطنة عمان إلى مواكبة العالم في التحول الرقمي وتطوراته التكنولوجية، من خلال تدريب الكوادر البشرية على التعامل مع التقنيات المختلفة.

ونقلت صحيفة عمان، في أكتوبر 2021، عن رئيس قسم علوم البيانات في شركة “تنمية نفط عمان”، سعود الزكواني، تأكيده أهمية تحقيق التطبيق الأمثل للتحول الرقمي والتعلم الآلي في قطاع الطاقة، مشيراً إلى كيفية الاستفادة الرقمية للتخلص من تحديات استقرار حفر الآبار في عمليات الحفر.

وحصدت “تنمية نفط عُمان” في نوفمبر 2019، جائزة أفضل مشروع للتحول الرقمي في “أبوظبي الدولي للبترول”.

ومن المرجح أن تواصل السلطنة جهودها في التحول الرقمي لقطاع النفط والغاز في المستقبل؛ وذلك لتحسين الإنتاجية وتعزيز تنافسية القطاع في الأسواق العالمية.

التطور الرقمي للطاقة

ويلفت الباحث الرقمي نبيل العبيدي إلى عدم الخلط بين الرقمية التي تتسارع، والتحول الرقمي الحقيقي الذي تحتاج له شركات النفط بدول الخليج العربي لكي تنجح في هذا العصر التكنولوجي، حيث إن الرقمنة هي استمرار سير العمل بكفاءة وفعالية مع مواكبة التطورات التقنية، بينما التحول الرقمي هو البناء لخلق ميزة تنافسية طويلة الأجل لاستمرار النجاح.

وأكد في حديثه مع “الخليج أونلاين”، أن التطور الرقمي في صناعة الطاقة يساعد الشركات القائمة عليه في تنفيذ أعمالها، ومن ثم يساهم بشكل مباشر، في نموها مستقبلاً، كما استطاعت التطورات التكنولوجية الحديثة في تمكين صناعة الطاقة من الوصول إلى مصادر جديدة للطاقة، وزيادة الإنتاج لتلبية الطلب والحاجة المتزايدة عالمياً.

وفي ما يتعلق بجانب الرقمنة الداخلية للقطاع النفطي، فيشير العبيدي إلى أنه من الفوائد الكبيرة التي سوف يجنيها القطاع النفطي الخليجي من التحول الرقمي، تحسين الكفاءة التشغيلية والسرعة في التعامل مع تقلبات الأسواق وأتمتة الأنظمة الداخلية وتأسيس مفهوم الحوكمة بالقطاع النفطي.

ويبين أن مستقبل قطاع الطاقة الخليجي مع تحوله بالكامل نحو الرقمنة والأنظمة الذكية ليس فقط تحولاً رقمياً روتينياً، بل هو قرار يتخذه القادة بتأمين مستقبل الشركات النفطية (الطاقة) وهذا القطاع الحيوي العالمي.

وأضاف العبيدي أن هناك خطوات يجب أن يتم الأخذ بها حتى يكون هناك نجاح في التحول الرقمي بدلاً من التركيز فقط على استخدام التقنيات الحديثة بالعمل.

ومثالاً على ذلك يعتقد الباحث الرقمي أنه يجب على المعنيين تخيل موقع الشركات النفطية الخليجية (الطاقة) في هذا العالم الرقمي الجديد وكيفية الاستفادة من التكنولوجيا لأقصى حد وفقاً للقيم المتبعة لإرضاء وخدمة العملاء، والتي تنعكس على تحقيق أهدافها.