يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا».
لماذا أغش؟ وما معنى الغش؟ وهل الغش شر كله؟ يغش الطالب طلبا للنجاح ولتجاوز المرحلة.. ويغش التاجر رغبة في بيع بضاعته ولكسب المال.. ويغش الناصح بالنصيحة خيانة وحسدا للمنصوح.
ما معنى الغش؟ الغش هو خداع مقرون بسوء النية وقصد الإضرار بالآخرين.
هل الغش شر كله؟ نعم حينما يخدع ويكذب ويتحايل الإنسان على نفسه قبل الآخرين، ويوهم الطرف الآخر بأنه متفوق أو أن بضاعته جيدة أو أنه صادق بالنصيحة، هنا يكون الغش شرا كله، الإنسان مطالب بالوضوح والشفافية وأن يكون على قدر كبير من الصدق مع نفسه والآخرين.
بفترة الامتحانات يكثر الغش وينتشر بين الطلبة بشكل كبير جدا، ويتفننون بإيجاد السبل والطرق الملتوية حتى يستخدموها بالاختبارات، ولو أنهم صرفوا هذا الوقت والجهد بالمذاكرة والمدارسة لحصلوا على درجات عالية.
الغش هو خيانة، وحرمان، ومحق للبركة، الغش هو مجلبة لسخط الرب وعدم توفيق في الحياة، دعوني أخبركم بقصص من واقع الحياة ولكم الحكم.
أثناء دراستي بالخارج كان معنا شخص يغش ويساعد الطلبة على ذلك، والآن تجاوز من العمر الأربعين ولم يتزوج، حرم من الزواج.
وآخر كنت أنظر إليه يأتي بأوراق صغيرة شفافة ويضعها بين فخذيه حتى ينقل منها الإجابات، تخرج من الجامعة بدرجات عالية، ولكن زملاءه بالعمل أخذوا مناصب وشغروا الوظائف المرموقة وهو لم يحصل على شيء، حرم من المنصب.
وثالث كان لا يبالي ويكابر إذا نصح بأن يبتعد عن الغش بالاختبارات، ولكن اجتاز المرحلة وتخرج في الجامعة ودخل بمشاريع تجارية عديدة فشلت كلها، فحرم التوفيق.
الغش هو بحقيقته حرمان يأتيك بنقيض ما أردت وان طال الزمان، فالغاش هدفه التوفيق والحصول على المنصب وإكمال نصف دينه بأن يتخرج ويكوّن نفسه، فتأتي النتائج له صادمة، فتتحطم آماله وتتكسر طموحاته ويصاب بخيبة أمل كبيرة.
الرزق من عند الله والتوفيق بيده، ولو كانت الأرزاق تساق على حسب عقول البشر لكان كل أصحاب الثروات من الدكاترة والمهندسين، ولكن الواقع مختلف فتجد أصحاب الشهادات العليا يعملون لدى من لا يملك، وتجد من يملك زمالة بتخصص نادر بالطب يأخذ سلفة من أخيه الذي لم يتخرج من الثانوية، الأرزاق بحاجة لتوفيق والأموال عند من بيده خزائن السموات والأرض، فكل شيء مقسم ومكتوب، يقول تعالى: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا).
عجبتني جملة سمعتها من أحد الأصدقاء.. بأنه المطلوب منك السعي وليس النتائج، فالأنبياء منهم من يأتي يوم القيامة وليس معه أحد، هو بلغ ما أمر به ولكن الاستجابة بيد الله، وكذلك بكل أمور حياتنا نحن مطالبون بالعمل والدراسة والاجتهاد ولكن النتائج والدرجات العليا وتجاوز المرحلة بيد الله عز وجل.
