تبقى مصاعب الحياة التي تواجهنا في عمومها هي نفسها تقريبا بالنسبة لمعظم الناس، ولكن من الغباء أن تدع كل ما يقع عليك قادرا على تشويش ذهنك، فهذا لا محالة سيفقدك المانع الذي يمسكك عن الوقوع رهينة الاندفاع بتهور نحو القيام بردات فعل غير مدروسة، فكلنا يسعى إلى النجاح المهني أو الاجتماعي أو الأسري أو العلائقي بخلق علاقات إنسانية متينة مع الآخرين، وكل ذلك مرتبط ارتباطا وثيقا ببناء تفكير مقاوم لما يبعث السلبية، فتأكد أن الحياة بأكملها لا تعاش بتلك السهولة دون جهد وعناء.
فلتعود نفسك على ذلك، ولتعودها على كيفية المواجهة أيضا، فالمواجهة هي المسار الصحيح الذي يفترض اختياره للتأقلم مع مصاعب الحياة وللعيش ايضا في وفاق ورضا وتصالح مع الذات، دون التأثر بتلك المصاعب وبكل الانزلاقات الناجمة عن المعكرات والمثبطات التي قد تأتي من المحيط المعاش فيه.
والمواجهة بعيدا عن كونها نوعا من التحدي الذي يسهم بشكل كبير في قهر وإزالة مخاوف المرء التي تعرقل مسيرته الدنيوية، فهي أيضا أسلوب حياة يقوم على أساس مقارعة المصاعب والعقبات التي تقابل الفرد في مشواره الحياتي، وتسهم بشكل كبير في نصرة مبادئه وقيمه.
وفي النهاية، فإنها تبقى قرارا شخصيا غير مفروض على أحد، لأن المرء هو من يحدد أي طريق سيسلكه في حياته، وهذا ما يؤكد أن هذا القرار دائما موجود كاختيار حر، لكنه ليس خيارا سهلا رغم أنه الأنسب للتغلب على القوى السلبية، والأصوب لأسلوب حياتي في العديد من المواقف اليومية.
لذلك عليك معرفة أن عدم اتخاذك قرار المواجهة في حالات كثيرة يمكن أن يكون أكبر مانع لتحقيق ما يراد الوصول إليه.
وعلى من يريد أن يحيا حياة الأخيار يجب عليه أن يتخطى الكثير من الحواجز والموانع عن طريق تلك المواجهة لا الهروب منها مخافة مما تحمله من مشقة مجهدة للنفس وخسائر مؤلمة لها.
وكي تعيش حياة تليق بك، لا يلزمك سوى مواجهة واقعك بكل ما تملك من إمكانيات، حتى لا تقحم نفسك بأوهام ووساوس وتخوفات تقيدك عن فعل ما تقدر عليه أو تنقص من قدراتك.
تيقن أن اتخاذك قرار المواجهة تصرف نبيل منك، خصوصا عندما يسلك ذلك الطريق قناعة راسخة بأنه السبيل الوحيد الذي يدعك تنتصر به للقيم والأخلاق الراقية بروح إنسانية عالية، بالرغم مما يعترضك فيه من حواجز وعرة وعوائق ومصاعب مؤلمة، وإن انتهى مشوارك الحياتي وغادرت هذا العالم فسترحل منه مرفوع الرأس.
