لصوص اليوم ليسوا كأسلافهم ممن كانوا يكسرون أقفال البيوت ويقتحمون نوافذها لنهب ما خف وزنه وغلا ثمنه، فالجيل الجديد من هؤلاء استطاعوا التسلق لأسوار البنوك واخترقوا حصونها المنيعة، تسللوا لحسابات أغنياء، ونهبوا أموال بسطاء، في سيناريوهات خطيرة، وفصول مثيرة أشغلت المصارف وألهت المخافر واستنفرت المباحث، ومازال «السلابة» حتى ساعة نشر هذا المقال يعبثون في المؤسسات المالية، ويزعزعون الثقة في الأنظمة المصرفية وحراس الودائع البنكية.
إن تصفير بعض الأرصدة البنكية وما يحدث من سحوبات نقدية، اختلاسا وسلبا واختراقا ونهبا من مواطنين ومقيمين وشبان ومتقاعدين يفترض التفاف مسؤولي الجهات المعنية على طاولة مستديرة والتنقيب عن الثغرات الخطيرة في قلاع المال، وحماية العملاء من عصابات السطو والاحتيال.
مشاهد الاختلاس من أموال الناس تظهر لنا كل يوم ببدعة جديدة ولون مختلف، من انتحال لشخصيات أفراد وبنوك وشركات، مرورا باتصالات مفخخة للعملاء لتقديم عروض تجارية كاذبة، واستدراجهم للإفصاح عن حساباتهم بهدف سرقتها وانتهاء بوجود مواقع مزيفة تماثل مواقع حكومية على الإنترنت، تستخدم عمليات دفع مخالفات أو رسوم معاملات للحصول على أرقام الحسابات وسلب ما فيها من مدخرات.
المسؤولية عن هذا الخلل الذي يتعاظم ككرة الثلج يفترض ان تتحملها جهات عدة هي المعنية بتنظيم عمليات نقل الأموال وتحويلها، والإمساك بالحبال التي يلعب عليها سراق الحسابات، وفك شيفرات العصابات المنظمة وتقديمهم الى العدالة وإيداعهم في مكانهم الصحيح ألا وهو السجن المشدد.
شركات الاتصالات معنية أيضا بفصل خطوط هاتفية غادر أصحابها نهائيا، ومكافحة بيع ارقام وخطوط على مواقع التواصل دون تسجيل بيانات اصحابها وهوياتهم، فسراق اموالنا يستخدمون أرقاما كويتية يتصلون بها علينا.
على البنوك أن تعلم أن توعية العملاء بقدر ما هي مهمة، إلا أنها لم تعد كافية اليوم لوقف عمليات السطو على اموال الناس. وحري بها أن تضع آلية مع البنك المركزي لفرملة عمليات السحب او التحويل المتكررة في غضون ساعات محددة، وتجميد أي عملية تحويل مالي تم الإبلاغ عنها، وان ترفع حساسية التطبيقات الذكية، فتحظر ـ بشكل تقني وآلي ـ أي عملية مشبوهة حتى يتم التأكد من العميل، بنبرة صوته وبصمة وجهه، وتمنع تحويل المبالغ الكبيرة إلا عن طريق البنك أو التواصل مع إدارته او عبر تقنيات أكثر احكاما ورصانة.
المؤسسات التقنية وتكنولوجيا المعلومات، يناط بها مسؤولية تتبع الثغرات ودراستها، وسد الفجوات وترقيعها، وإصلاح عيوب المواقع الالكترونية للمؤسسات والوزارات وتوثيقها، بأحدث التقنيات وأمهر المتخصصين.
على وزارة التجارة أن تمنع بث العروض التجارية من الشركات المحلية والحسابات الانستغرامية، وأن تحظر استخدام روابط دفع «كي نت» إلا بموافقة مسجلة وموثقة برقم يمكن التشييك عليه والتأكد من مصداقيته.
ختامـا: ما نـــتوقعه من الإخوة القائمين علــى البنك المركزي في هذا المستجد الأكثر سخونة على الساحة المحــلية أن ينظموا ملتقيات فاعـــلة وورش عمل مركزة مع البنوك المحلية ووزارة الداخلية والجهاز المركزي لنظم المعلومات، وأن ينسقوا مع البنوك المركزية، في الدول الخليجية والعربية لإنهاء هذه الجرائم المالية التي نهبت مدخرات المواطنين والمقيمين. ولعل من الضرورة المحتمة إنشاء غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة، وكذلك إتاحة نموذج إلكتروني للإبلاغ عن أي عملية سحب مالي غير قانوني، ومنع سحب الأموال المحولة أو تحــــويلها بشكل فوري في حال الإبــــلاغ عنها خلال ساعات قليلة.
كلمة أخيرة: كلمة شكر أوجهها للمدير المعين لاتحاد التعاونيات عبدالوهاب الفارس، على تجاوبه مع مطلبي ومطلب الكثيرين بعرض أسعار السلع للجميع لمراقبتها. ما فعله الفارس يسجل له على أنه من شباب يغار على الوطن، ويعمل بضمير ويشعر بنبض الشارع. فشكرا لك ولأمثالك.
