أصبح مصطلح «الاستدامة» كلمة طنانة، في عالمنا الذي يزداد وعيه بالبيئة، إذ كثيرا ما يتردد صدى ذلك في مناقشات مصادر الطاقة المتجددة، والحد من النفايات البلاستيكية، ولا شك أن هذه المخاوف البيئية تشكل جوانب حيوية للاستدامة. مع ذلك، إذا قصرنا فهمنا للاستدامة على معالجة تغير المناخ فقط، فإننا حينها نفتقد أسسا أكثر أهمية بكثير، وفي الواقع فإن الاستدامة تتجاوز البيئة لتشمل أبعادا اجتماعية لا تقل أهمية. كثيرون من يربطون الاستدامة بالبيئة وتغير المناخ فقط بسبب ميل وسائل الإعلام إلى التركيز فقط على الحركات البيئية العالمية، مع هذا، فإن الاستدامة تشمل أكثر بكثير مما تراه العين.
وتعرف الأمم المتحدة عادة التنمية المستدامة بأنها «التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة»، وبعبارة أخرى، إذا استخدم الكثير منا الموارد بشكل غير فعال، أو قاموا بتوليد النفايات بسرعة كبيرة بحيث لا تتمكن البيئة من استيعابها ومعالجتها، فمن الواضح أن الأجيال القادمة لن تتمكن من تلبية احتياجاتها. لكن التعريف لا يتناول الموارد غير الملموسة ويتجاهل الموارد البشرية، بما في ذلك ديناميكيات الأسرة والقيم الموروثة. لكن لا أحد يخبرنا بأهمية هذه العناصر المفقودة، إذ ربما تكون الأم العاملة في الغالب هي من تلاحظ ذلك، بينما يكون الأب العامل معتادا تقليديا على روتين العمل والحياة الذي تم تصميمه خصوصا للذكور على أي حال.
تمثل الاستدامة الاجتماعية الجانب الأقل استكشافا من فسيفساء الاستدامة، ومن المهم أن ننظر إلى الاستدامة من منظور مجتمعي من حيث الحفاظ على آدابنا الاجتماعية وأصول التربية، وحتى مراعاة تقاليدنا. ففي أيامنا هذه، تتهم الأجيال الشابة بالحرج الاجتماعي والتخلف، حيث ينقطع الكثير منهم عن التجمعات العائلية تماما، علاوة على ذلك، يبدو أن المؤشرات الاجتماعية بما في ذلك معدلات الجريمة والمخدرات تسير في دوامة كارثية. ومهما كانت ديناميكية الأسرة أو المنطق وراء ذلك، فإن السؤال الحقيقي هو: كيف يمكننا أن ننقل جميع أسس عناصرنا الاجتماعية عندما يكون لدينا بالكاد الوقت لأنفسنا ناهيك عن عائلاتنا؟
أشعر بالحرج عندما أسمع عن الشركات التي تحقق أرباحا كبيرة، ولم تكن سباقة في جهودها المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية، فمن الرائع أن يقدم البعض أنشطة مشاركة مجتمعية، مثل سباقات الماراثون وفرص تمكين الشباب، لكن لايزال هناك الكثير للقيام به. ربما بدلا من إعطاء الأرباح للمساهمين، ينبغي تقاسم الأرباح مع مجموعة أوسع من أصحاب المصلحة في شكل زيادة وقت الإجازة، وساعات العمل المرنة، والامتيازات الحصرية للعائلات التي لديها أطفال. ربما حان الوقت كي نولي اهتماما بهذه العناصر غير الملموسة، وأن نجد طريقة لتتبع التقدم الذي تحرزه من أجل التصدي لعقد من التراجع. ربما حان الوقت لرعاية رفاهية المجتمع بدلا من المحصلة النهائية، لأنه في نهاية المطاف نحن جميعا معرضون للمجتمع ذاته بغض النظر عن مدى ثرواتنا.
dr_randa_db@
