مهمة صعبة – بقلم : مشعل السعيد
المهمة الصعبة هي الحياة التي نعيشها فنرى من خلالها العجائب بين فرح وحزن وبكاء وضحك، فليتنا ننجو منها كفافا لا لنا ولا علينا، والحياة ذاتها يتفرع منها مهمات كثيرة منوط بنا القيام بها، ومن ذلك الأماني التي نود لو أن الله تعالى حققها لنا، إلا أنها لم تتحقق وقد صدق المعري حيث يقول:
تعب هي الحياة فما
أعجب إلا من راغب في ازدياد
فــلا بد من المعاناة والتعثر والإخفاق في هذه الحياة شئنا ذلك أم أبينا، قال رجل للإمام علي رضي الله عنه صف لنا الدنيا فقال: «ما أصف من دار أولها عناء وآخرها فناء، حلالها حساب وحرامها عقاب، من استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن». وقال غيره: الدنيا ما مضى منها فحلم وما بقي منها فأماني، ومن خدم الله في الدنيا خدمته وتيسرت أموره، ومن خدم الدنيا استخدمته، وهي تخلق الأبدان وتجدد الآمال وتباعد الأمنية وتقرب المنية، من ظفر فيها تعب، ومن فاتته نصب، والغنى عنها قطع الرجاء منها، والمخرج سلوك المنهج ببذل المجهود والرضا بالموجود، وعلى ذلك يقول أبو العتاهية:
هي الدنيا إذا كملت
وتم سرورها خذلت
وتفعل في الذين بقوا
كمن فيمن مضى فعلت
وقال عبدالله المأمون: لو قيل للدنيا صفي لنا نفسك ما وصفت نفسها بأكثر من قول أبي نواس
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت
له عن عدو في ثياب صديق
وما الناس إلا هالك وابن هالك
وذو نسب في الهالكين عريق
وحيـن حـضرت الصحابي معــاذ بن جبل رضي الله عنه الوفـــاة قال: يا رب، كنت أخـــافك وأنا اليوم أرجـوك، اللهم إنك تعلم أننــي ما كنت أحب الدنيا لكري الأنهار ولا لغرس الأشجار، وإنما لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق العلم.
ودمتم سالمين.