ما أن ساد، صباح اليوم السبت، الهدوء الحذر المنطقة الحدودية في القطاع الغربي، حتى خرقه تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع التجسسية «ام كا»، في أجواء الناقورة وصور حتى قرى بنت جبيل، وظهرا فوق سهل البقاع على علو منخفض بشكل دائري، وعاد الوضع ملتهبا.
وذلك بعد ليل طويل من الاعتداءات الإسرائيلية ضد قرى جنوب لبنان، وقد توسعت فشملت المناطق المحررة وتلك المفتوحة شمال الليطاني، وكان بدأها العدو الاسرائيلي من الناقورة غربا حتى عيترون شرقا، ورد ««حزب الله» بسلسلة من الهجمات استهدفت مواقع جيش الاحتلال.
وقبل أيام من مرور ثلاثة شهور على انطلاق عملية «طوفان الأقصى»، نفى «حزب الله»، في بيان صادر عن مكتب العلاقات الاعلامية: «نفيا قاطعا ما أوردته صحيفة «لوفيغارو» عن ما أسمته بعض أسرار عملية طوفان الأقصى».
واعتبر ان «ما ورد فيها هو محض خيال لا أساس له، يهدف الى زعزعة الثقة التامة بين حركات المقاومة وفصائلها على امتداد المنطقة»، مذكرا بما كان قاله الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله «في خطاب علني شاهده الملايين، ان عملية طوفان الأقصى هي عملية فلسطينية محضة من حيث التخطيط والإعداد والتنفيذ والتوقيت والاهداف ولم يكن لدى حزب الله علم بها».
ما نشرته «لوفيغارو» أن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري، تلقى اتصالا هاتفيا من (زعيم «حماس» في الداخل) يحيى السنوار «طلب منه فيه إبلاغ الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، بالعملية قبل 30 دقيقة من تنفيذها».
وكشفت الصحيفة أن «زعيم حزب الله غضب لأن إيران لم تبلغه بخطة حماس»، وأن السنوار وضيف «غاضبان من أن نصر الله لم يستخدم قوة حزب الله الكاملة بعد الهجوم على جنوب إسرائيل، وأرسلا رسالة غاضبة بهذا المعنى، حتى إن رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، سافر إلى طهران لحض المرشد الأعلى على الانضمام إلى الحرب، لكن علي خامنئي رفض طلبه».
ومن اقصى الجنوب إلى الشمال وللمرة الثانية، شهدت طرابلس، فجر أمس، حدثا امنيا بحرق شجرة الميلاد في ساحة كنيسة «مار جاورجيوس» بمدينة الميناء، بعد إحراق الأولى داخل باحة كنيسة جاورجيوس في منطقة الزاهرية بطرابلس، وقد تم توقيف مفتعلي الحريق.
واستنكرت «جمعية إنماء طرابلس والميناء» حرق شجرة الميلاد وأسفت في بيان، «لتكرار هذه الحادثة للمرة الثانية في أقل من أسبوع في طرابلس مدينة العيش المشترك والتعايش الأخوي ما بين أهلها وسكانها».
وناشدت الأجهزة الأمنية «تكثيف تواجدها أمام الكنائس والمقار الرعوية، لتفادي حصول مثل هذه الحوادث»، طالبة منها «إنزال أشد العقوبات في الفاعلين الذين لا يمتون إلى الأديان السماوية بصلة».
ودعت أخيرا أهالي طرابلس والميناء إلى «شد أواصر الألفة والمحبة في ما بينهم درءا لكل محاولات الفتنة والعبث بالتعايش المشترك في المدينة».
وتعليقا على الحادثة، كتب النائب أشرف ريفي على حسابه عبر منصة «اكس»: «حرق شجرة الميلاد في ساحة كنيسة مار جرجس في الميناء عمل أرعن إضافي موجه ضد طرابلس والميناء وضد الأغلبية التي تؤمن بالعيش معا».
وأضاف: «نحيي الجيش الذي أوقف من أحرق شجرة الزاهرية، وندعو لتوقيف المعتدين الجدد. ستعود شجرة الميناء أجمل مما كانت. طرابلس والميناء هما النور الذي يحارب الظلام».
إلا أن الانظار تبقى مصوبة نحو الجنوب الذي شهد، أخيرا، في عز التصعيد، اعتداءين على دوريتين أمميتين (إندونيسية في الطيبة وفرنسية في كفركلا) تابعتين للقوات الدولية «يونيفيل»، وحذر سكرتير عام هيئة الأمم المتحدة انطونيو غوتيريش من ان تبادل إطلاق النار عبر حدود إسرائيل ولبنان «ينذر بتصعيد أوسع ويؤثر في الاستقرار».
وقالت نائب الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» كانديس ارديل إن «حادثة الاعتداء على القوات الدولية هي انتهاك للقانوني الدولي والقرار 1701 والقانون اللبناني»، وشددت على ضرورة أن «تمنح اليونيفيل حرية الحركة لتتمكن من اداء مهماتها».
وفي هذا السياق، يتم التداول في بيروت بأن «حزب الله» أبلغ من يعنيهم الأمر استعداده لتطبيق القرار 1701 بوجود سلطة لا تطعنه في الظهر.
كل ذلك يترافق مع الحديث المتنامي عن احتمال عودة الموفد الرئاسي عاموس هوكشتاين الى المنطقة، منتصف يناير المقبل، لاستئناف الجهود بشأن ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، والمتوقع، في التوقيت اياه، أن تتسلم السفيرة الأميركية الجديدة لدى لبنان ليزا جونسون مهامها.
وعليه، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري قال لصحيفة «الجمهورية» عن تطورات الوضع بالجنوب «إن المقاومة في مواجهتها للعدو في الجنوب، ومنذ اليوم الأول وحتى الآن، لم تحد عن قواعد الاشتباك فيما اسرائيل تتعمد خرق هذه القواعد وتوسيع دائرة اعتداءاتها»، وأكد ان «المطلوب أمر وحيد هو إلزام إسرائيل بوقف عدوانها.. لبنان ليس مصدر الخطر.. مصدر الخطر الحقيقي هو اسرائيل».
بدوره، قال رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك: «لن تؤثر على محور المقاومة كل الضغوطات مهما كانت، فالموقف واحد، هو إيقاف الحرب على غزة، ومن دونها، فالمحور لن يترك غزة وحدها».
وقال عضو المجلس المركزي في «الحزب» الشيخ نبيل قاووق ان «المقاومة في لبنان استعدت لكل الاحتمالات، وجهزت كل المفاجآت، وهي في الموقع القوي الذي يفرض المعادلات على العدو الإسرائيلي».
وعليه، فإن الوضع في الساحة الجنوبية بقي على حاله حيث كان التصعيد الإسرائيلي سمة الموقف، ليل الجمعة – السبت، إذ طالت اعتداءاته القطاع الغربي وقصفت مدفعيته الثقيلة اطراف بلدات شيحين، الجبين، ام التوت، البستان، جبل بلاط، وعند منتصف الليل قصف محيط بلدة الجبين والاودية المتاخمة للخط الازرق، ومحيط بلدة طيرحرفا والجبين.
كما أغار الطيران الحربي المعادي على جبل اللبونة، محيط بلدة الناقورة، جبل بلاط والعلام بعدد من الغارات المتتالية.
وفي القطاع الاوسط قصفت مدفعية العدو اطراف بلدة عيتا الشعب ويارون ورامية وأطراف الناقورة وعلما الشعب والضهيرة ووادي حسن، في وقت سجل استهداف مسيرة إسرائيلية سيارتين مدنيتين الأولى على طريق بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل وأطلقت باتجاهها صاروخا موجها أدى إلى احتراقها، والثانية على طريق عام عيتا الشعب، ولم يفد بإصابات.
كذلك، استخدمت إسرائيل مسيرة أغارت على وادي حامول – الناقورة، كما اطلق العدو الاسرائيلي القنابل المضيئة في فضاء القطاعين الغربي والاوسط حتى مشارف بلدات المنصوري ومجدل زون وطيرحرفا وشمع.
وأيضا استهدفت المدفعية المعادية أطراف بلدات راشيا الفخار وكفر حمام والماري.
واستمر الطيران الاستطلاعي المعادي بالتحليق فوق القرى المتاخمة للخط الازرق طيلة ليل الجمعة ـ السبت، وحتى الساعات الاولى من الصباح.
ونعى «حزب الله» أربعة من عناصره وهم من البقاع: حسن أكرم الموسوي، حيدر محمد المزاوي من بلدة الكرك، ركان علي سيف الدين من بلدة حلبتا وعباس محمد العجمي من بلدة حي الفيكاني.
