بقلم : وسمية المسلم
حاجة الإنسان إلى معرفة العلوم النافعة وجمع الحكم مستمرة، فشخص بلا علم كبلد بلا أهل، وليس من شيء أعز من العلم ومحبة الإنسان إلى العلم والتحلي به والشوق إلى استماعه دليل على قوة الإنسانية، فالرعية بلا علم كالدابة بلا رسن تمر في غير طريق وقد تتلف ما تمر عليه.
وحسن المناقب وزهرة الفضائل وبهاء المحاسن بمجالسة العلماء وصحبة الفقهاء ودراسة العلوم، ومن الحكمة مطالعة دواوين العلماء ومجامع الفقهاء وسير الحكماء والعلماء وانباء الغابرين وآداب الدنيا والدين، فالإنسان بحاجة إلى علم بارع وفكر ثاقب وبصيرة بالعلم، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد أوصاه ربه سبحانه وتعالى (وقل رب زدني علما ـ طه 114).
ولمعرفه اختلاف الناس وأحـوالهــم وحاجاتهم وخصوماتهم، نحتاج إلى معرفة العلوم ودراستها، وكل عـــز لا يوطـــده علم مـــذلة، وكل علــم لا يـــؤيده عقل مضلة، وبالحكم تنال علو المنزلة وشرف الحظوة، ومن يتعلم العلم في صغره كالنقش على الحجر ومن يتعلم في كبره كالذي يكتب على الماء.
وكثرة التجارب والحنكة فيها العظة، وزينة العقل بطول ممارسة الأمور، وبصحبة العلماء والفقهاء والصالحين وأهل الخبرة والمعرفة تنتظم أمور الحياة والتصالح مع الناس وإشراكهم في التجارب، فالحياة تشكل الحركة والتغير وقال صلوات الله وسلامه عليه «لا خير فيمن لا يكون عالما أو متعلما»، وقال بعض الحكماء «العلم حياة القلوب ومصباح الإبصار»، فالمتعلم لديه القدرة على الكلام متحدثا وببلاغة، قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم «جالسوا الكبراء، وسائلوا العلماء، وخالطوا الحكماء» بوفرة إطلاعهم وغزارة علومهم، فالإنسان أحوج إلى معرفة العلوم والحكم والمشاورة مع الجليــس، ومن حسن الأدب الســمع والــطاعة لأولياء الأمور مقرونا بالمحبة وعدم الاستبداد بالرأي، وبالتواضع تتم النعمة وللعلم أربعة: آفة ونكد وإضاعة واستجاعة، فآفته النسيان، ونكده الكذب، واضاعته وضعه في غير موضعه، واستجاعته أنك لا تشبع منه، قال الشاعر:
العلم خير أداة أنت جامعها
تلقى الرجال به في الحفل إن حفلوا
وآفة العلم أن ينسى وأفضله
ما وافق العلم ممن يكمل العمل
ومن درجات العلم: أول العلم الصمت، والثاني: الاستماع، والثالث: الحفظ، والرابع: العمل به، والخامس: نشره. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «قيدوا العلم بالكتاب»، ومن اكثر المذاكرة بالعلم لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم، والعلم بالتعلم، ومن عرف العلم والحكمة لاحظته العيون بالوقار.
ومن وصايا لقمان لابنه، قال «جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك»، ومن جواهر البلغاء والعلماء اذا أذكوا سراح الفكر أضاءوا ظلام الأمو نورا، ولا ينبغي للجاهل أن يسكت عن جهله، ولا للعالم أن يسكت على علمه، وسعادة الإنسان الغوص في كنوز العلم وبحوره.
وتعرف فضيلة العلم بشرف ثمرته العز والوقار والراحة والعـــلاء والاحترام في الطباع، والتـــواضع والطاعة وسلوك الطريق الحقيقي لالتــماس العلم، وتعليم العلم صدقة، والعلم المؤنس في الوحشة، والمحدث في الخلوة، والجليس في الوحدة، وبالعلم يبلغ العبد منازل الأخيار في الدرجات العلى، وبالعلم يعرف الحلال والحرام، قال علي كرم الله وجهه: أقل الناس قيمة أقلهم علما، وقال رضي الله عنه أيضا: العلم نهر والحكمة بحر وثمرة الحزم السلامة وثمرة العجز الندامة، والسلام أمان من المخاوف فمن خاف أمن.
wasmiya_m@yahoo.com
