الجيش الإسرائيلي يسحب قواته البرية من خان يونس وينفي الخضوع للضغوط الأميركية
بعد ستة أشهر من الحرب التي دمرت الحجر والبشر في قطاع غزة، أفادت وسائل إعلام بأن الجيش الإسرائيلي سحب جميع قواته البرية من جنوب قطاع غزة، تزامنا مع الجولة الجديدة من المفاوضات غير المباشرة في القاهرة، والتي تهدف إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وتبادل الإفراج عن الأسرى.
ويتوازى ذلك مع ارتفاع منسوب التوتر وخطر المواجهة بين إسرائيل وإيران على خلفية قصف القنصلية الإيرانية في دمشق الأسبوع الماضي، حيث اعتبر يحيى رحيم صفوي، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني، أن «سفارات النظام الصهيوني لم تعد آمنة»، وفق ما نقلت عنه وكالة «إيسنا» التي نشرت أسماء وصور 9 صواريخ إيرانية قادرة على الوصول إلى إسرائيل، وسط ترقب لطبيعة ومكان وزمان الرد الايراني على قصف قنصليتها.
وقالت الوكالة «باتت ظلال الرد الإيراني على هذه الجريمة تثقل كاهل إسرائيل بشدة». ونشرت صورة لأسماء ومميزات كل صاروخ ومنها، صاروخ «سجيل» الذي يصل مداه إلى ما يتراوح بين 2000 – 2500 كلم. وصاروخ «خرمشهر 4» (خبير)، وصاروخ «عماد»، وصاروخ «شهاب 3» وجميعها يصل مداها إلى 200 كلم.
الانسحاب من خان يونس
وبالعودة إلى قطاع غزة، سحبت إسرائيل كل قواتها من جنوب قطاع غزة بما في ذلك خان يونس، وفق ما أعلن جيش الاحتلال ومسؤول عسكري.
وقال الجيش في بيان أمس «أنهت فرقة الكوماندوس 98 في الجيش الإسرائيلي، مهمتها في خان يونس وغادرت قطاع غزة للراحة والاستعداد لعمليات مستقبلية». وردا على سؤال لفرانس برس عما إذا كان هذا يعني انسحاب جميع القوات من جنوب غزة، أجاب مسؤول عسكري «نعم».
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأنه ولأول مرة منذ بداية الاجتياح البري «غادرت كافة القوات الإسرائيلية قطاع غزة، حيث خرجت الفرقة 98 بألويتها الثلاثة من خان يونس بعد انتهاء العملية هناك بعد قتال دام أربعة أشهر». وبذلك لم يتبق سوى «لواء ناحال» العامل في ممر نتساريم الذي يفصل جنوب قطاع غزة عن شماله. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن انسحاب الفرقة يأتي في إطار الاستعدادات لعملية برية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت نقلا عن مصادر بالجيش الإسرائيلي تأكيدها الاستعداد «لمواصلة العمليات ضد كتائب حماس التي لم نتعامل معها بدير البلح ورفح»، زاعمة أن أحد أسباب الانسحاب هو ترك أماكن للنازحين الذين سيطلب منهم مغادرة رفح، والذين يتجاوز عددهم المليون ونحو 400 ألف مدني ونازح، شكل مصيرهم نقطة خلاف بين إسرائيل وحليفتها واشنطن.
وأكدت المصادر أنه لا صلة بين الضغوط الأميركية التي تمارس على إسرائيل والانسحاب من خان يونس، وقالت «بإمكاننا العودة إلى خان يونس إذا لزم الأمر» بحسب ما نقلت قناة «الجزيرة».
وتتزامن هذه التطورات مع استضافة القاهرة جولة مفاوضات للتوصل إلى هدنة، بمشاركة مسؤولين من الدول الوسيطة، الولايات المتحدة وقطر ومصر، بحسب قناة «القاهرة الإخبارية». إضافة إلى وفدي إسرائيل برئاسة رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع، وحماس برئاسة القيادي خليل الحية.
وبعد ستة أشهر من عمليات قصف جوي ومدفعي وعمليات برية تنفذها إسرائيل بلا هوادة، بلغت المعاناة الإنسانية في قطاع غزة مستويات غير مسبوقة، كما ارتفع عدد الضحايا إلى أكثر من«33175 شهيدا إلى 75886 جريحا» بحسب وزارة الصحة في القطاع. وأفادت في بيان أمس بمقتل 38 شخصا من خلال 4 مجازر نفذتها قوات الاحتلال.
وقالت رنا لباد (41 عاما)، وهي أم لأربعة أطفال تقيم لدى أقارب في مخيم جباليا في شمال قطاع غزة بعدما دمر القصف منزلها، «ما يحدث لنا حرام وعار على العالم كله».
وأضافت لوكالة فرانس برس «أكلنا طعام الطيور والدواب وحتى هذا لم يعد متوافرا ولم تعد أجسادنا تتحمله… أشعر بالقهر والحسرة كل ثانية وأتمنى الموت لي ولأطفالي حتى نرتاح من هذا العذاب».
احتجاجات ضد نتنياهو
وفيما تتزايد التباينات المتزايدة بين الإدارة الأميركية ونتنياهو، توجه زعيم المعارضة الاسرائيلية يائير لابيد إلى واشنطن السبت لإجراء محادثات مع مسؤولين كبار، وفق ما أفاد حزبه.
وفي الداخل الإسرائيلي، يزداد القلق على الأسرى الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة، وينظم عشرات آلاف الإسرائيليين بشكل شبه يومي تظاهرات احتجاجية للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق يفرج عنهم، كما يطالبون بانتخابات جديدة لإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو. ومنها تظاهرات حاشدة في تل أبيب ومدن أخرى مساء السبت، طالبت باستقالة نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة والتوصل لاتفاق بشأن الرهائن الذين قضوا «ستة أشهر في الجحيم»، وفق ما كتب في إحدى اللافتات.