من تأنى نال ما تمنى .. بقلم : مشعل السعيد
بقلم : مشعل السعيد
كانت العرب تسمي العجلة «أم الندامة» لما بها من خفة وطيش وحدة تمنع صاحبها من التثبت والوقار والحلم، وهي عكس التأني الذي فيه الخير كله، لذلك قالوا: التأني من الرحمن، والعجلة من الشيطان، ولا يزال المرء يجتني ثمرة العجلة حسرة وندامة، فهي لا تأتي بالخير، بل انها مجلبة للشر، ومن كان مندفعا في أموره عجولا لا شك أنه سيقع في الزلل والخير والبركة كله في التؤدة والرفق والأناة:
الرفق يمن والأناة سعادة
فتأن في أمر تنال نجاحا
فإذا كانت لديك أمور مهمة ومصيرية من الخطأ بمكان أن تستعجل بها وألا تعطي نفسك وقتا كافيا للتفكير، والعاقل يفكر في العواقب قبل أن يتقدم خطوة في هذا الأمور، ومن آفات العجلة وهي كثيرة أن صاحبها يقول قبل أن يعلم ويتحدث بما لا يعلم، ويجيب قبل أن يفهم، ويعزم قبل أن يفكر ويحمد قبل أن يجرب ويثق بكل أحد ويذم دون معرفة، فالعجلة أقرب ما تكون من الخفة والحماقة، وقد صدق القائل: «من تأنى نال ما تمنى»، إن العجلة مذمومة ومكروهة إلا في أبواب الخير فهي مستحبة وهذا من فضل الله علينا، وقد ذم القرآن الكريم العجلة ولم ترد فيه آية تخص العجلة إلا وكانت على سبيل اللوم والنهي والزجر، ومن ذلك قول المولى عز وجل: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ـ يونس: 11).
وربما قادت العجلة صاحبها إلى سوء الخاتمة والهلكة، حتى في الدعاء نجد من يستعجل الإجابة متناسيا انه لابد أن يأخذ بأسباب الدعاء، وقد قال حكيم: من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، وقد قال الشاعر في ذلك:
لا تعجلن فليس الرزق بالعجل
الرزق باللوح مكتوب مع الأجل
فلو صبرنا لكان الرزق يطلبنا
لكنما خلق الإنسان من عجل
انظروا إلى الكثير من الأمور التي كانت نتائجها سلبية بسبب العجلة، وإلى هذه الحوادث المرورية التي حصدت أرواح آلاف البشر بسبب الاستعجال، نسأل الله السلامة للجميع.
ودمتم سالمين.