ما ذل ذو حق – بقلم : مشعل السعيد

0
بقلم : مشعل السعيد

الحق عز ومنعة وسد منيع عن الإذلال، ومن كان على حق كان الله معه ونصره ولو بعد حين، أما الباطل فهو هالك ومضمحل، يقول المولى عز وجل (قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) (الإسراء: 81). ومادام الإنسان على حق فلن يغلبه شيء، وهذه حقيقة ثابتة وشرع رباني لا لبس فيه، فوالله ما ذل ذو حق ولو اجتمع الناس كلهم عليه، ولا عز ذو باطل ولو طلع القمر بين كعبيه، فالله سبحانه وتعالى اسمه الحق، وهو يحق الحق ويبطل الباطل، والباطل طريق الشيطان، من تبعه غوى وضل. وقد شاء المولى عز وجل بحكمته أن يقوم الكون على سنة التدافع بين الحق والباطل، وبين الخير والشر حتى تقوم الساعة، فتكون الحرب بينهم سجالا، ولو شاء الله لجعل الحياة لا تعرف إلا الخير، وأن تكون ملأى ببشر مثل الملائكة، ولكن لله حكمة لا يعلمها إلا هو وحده، وهذه سنة التمحيص تفعل فعلها.

وقد أراد الله للحق أن يكون هو المنتصر في النهاية، وان يكون الباطل مخذولا مهزوما، قيل للإمام أحمد بن حنبل زمن فتنة خلق القران في خلافة المعتصم بالله العباسي: «ألم تر كيف انتصر الباطل على الحق؟ فقال: كلا، مادامت القلوب ثابتة فالحق هو المنتصر» إن دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة، يقول لبيد بن ربيعة العامري:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل

وكل نعيم لا محالة زائل

والعاقل لا يبطل حقا ولا يحق باطلا، فالحق هو الصحيح الثابت الذي لا يسع عاقل إنكاره وهو واضح وضوح الشمس، (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) سورة الرعد، فالحق يقين والباطل شك وفرق كبير بينهما، فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس الحق بالباطل ويكتمه، وهو يعلم لأنه سيحاسب على فعله هذا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أعان باطلا ليدحض بباطله حقا فقد برئت منه الذمة، هذا ودمتم سالمين.

Leave A Reply

Your email address will not be published.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.