كشفت وفاة مواطنة قبيل زفافها بيوم واحد، عقب تناولها دواء تخسيس، عن القصور التشريعي وضعف الرقابة على الإعلانات الإلكترونية، والتكسب بترويج أدوية هرمونية ومواد غذائية بلا ترخيص، وحظيت القضية بتفاعل واسع من قبل نواب ومسؤولين ومواطنين، وفتحت الباب واسعاً أمام ترويج الفاشينستات ومشاهير مواقع التواصل لمثل هذه المواد الضارة صحياً.
ومع انتشار واقعة وفاة العروس التي وصفها المتابعون بالمأساة، أعلنت وزارة الصحة انها تحقق في بلاغ عن الوفاة التي نجمت عن حبوب التخسيس التي روجت لها «فاشينستا» عبر الإعلانات الالكترونية.
واشارت الوزارة، في بيان لها بحسب “القبس”، «الى ضرورة اتباع التعليمات الصادرة من (الصحة) والابتعاد عن الادوية التي تباع في مواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لخطورتها على صحة الشخص الذي يتداولها، وعدم سلامتها وجودتها». أعلنت وزارة الصحة أنها اتخذت عدداً من الاجراءات نحو الاعلانات غير المرخصة من الفاشينستات، فضلا عن القبض على بائعي الادوية المغشوشة عبر البلاغات والرصد الدائم، داعية المواطنين الى التعاون معها للابلاغ عن هذه الادوية وعدم الشراء من المواقع الإلكترونية.
وأكد الوكيل المساعد لشؤون الرقابة الدوائية والغذائية في الصحة د. عبدالله البدر ان الوزارة، فور انتشار معلومات عن حدوث وفاة لمواطنة بسبب تناول ادوية لخفض الوزن او التخسيس، فتحت تحقيقا من خلال ادارة تسجيل الادوية، منوها الى انه جرت مراجعة ملف الدواء المسجل، الذي رُوِّج له بهذا الصدد، مؤكدا سحب عينات من صيدليات متفرقة للدواء، كإجراء احترازي، بهدف اعادة تحليله مجددا في مختبرات الرقابة الدوائية والغذائية. وأشار البدر الى ان أي جهة او شركة او اشخاص باستطاعتهم التقدم بطلبات للحصول على تصاريح لتقديم الاعلانات عن المستحضرات الطبية او الصيدلانية، سواء في مواقع التواصل الاعلامي او غيرها، وعبر «الأون لاين»، موضحا انها تخضع لشروط واجراءات تسبق الحصول على الترخيص من قطاع الرقابة الدوائية، حيث من الممكن ان توافق الوزارة على الطلب او ترفضه. إحالة أطباء وأعلن البدر ان الوزارة أحالت مجموعة من «مشاهير» مواقع التواصل الاجتماعي وغيرهم إلى النيابة العامة خلال عام ونصف، يصل عددهم الى 26 من مرتادي المواقع، بينهم اطباء وصيادلة ومختصين في المجال الطبي، لإعلانهم عن منتجات صحية غير مرخص الإعلان عنها من قبل الوزارة.
وتابع البدر: إن الاعلان عن المنتجات الصحية من دون ترخيص يعد مخالفة لقانون تنظيم الإعلان عن المواد المتعلقة بالصحة، الذي يحظر بغير ترخيص من وزارة الصحة، الاعلان عن طريق أي وسيلة إعلامية عن الأدوية البشرية أو البيطرية، أو الخلطات أو التركيبات النباتية أو الحيوانية أو الكيميائية أو الغذائية الخاصة ذات التأثير الصحي بدعوى أنه للعلاج أو التأثير في الشكل أو المظهر أو لإنقاص الوزن وغير ذلك، مبينا أن عقوبة ذلك هي الحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تتجاوز 1000 دينار أو إحدى هاتين العقوبتين.
عقار مرخَّص وفي السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة لـ القبس ان الدواء المستخدم في الواقعة مرخص من قبل وزارة الصحة بشكل رسمي، مبينة ان الوزارة دشنت موقعا خاصا للابلاغ عن اي مشاكل تعترض صرف الادوية، كالتسعيرة وتاريخ انتهاء الصلاحية والادوية المغشوشة والآثار الجانبية، اضافة الى المعوقات التي تتعلق بجودة التصنيع، والخطأ بالصرف.
واضافت المصادر ان الوزارة تعمل على خدمة المريض وحفظ حقوقه وسلامته، مؤكدة أن اي بلاغ يصل عن مشاكل الادوية يجري التعامل معه بصورة مباشرة وفورية، بهدف الحد من ظاهرة الغش والتلاعب بالأدوية والمستحضرات الطبية، سواء في مواقع التواصل او غيرها. مسكن «ليريكا» يستغل في غير أغراضه اكدت مصادر مطلعة ان وزارة الصحة تنسق مع نظيرتها «الداخلية» بشأن وجود ادوية تباع عبر مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت مؤخرا، مبينة ان الادوية مسجلة بشكل رسمي لدى «الصحة».
واشارت المصادر الى ان التنسيق يشمل تتبع من يقوم بالترويج وبيع هذه الادوية، ومن بينها حبوب «ليريكا» التي تستخدم كمسكن لآلام الظهر والتهاب الاعصاب احيانا، وتُستخدم في مواضع اخرى بعيدة عن الشأن الطبي.
وذكرت المصادر ان «الصحة» ستعمل على تتبع حركة سير الدواء، وفي حال التأكد من صرف الوصفة عن طريق الاطباء لأي مريض راجع مستشفيات الوزارة، فسيجري استدعاء صاحب العلاقة لمعرفة كيفية تسريبها ومن ثم بيعها في مواقع التواصل الاجتماعي، سيما انها حبوب مسكنة لا تمنح بسهولة للمرضى، وتصرف عادة للذين اجروا علميات جراحية ولديهم آلام مبرحة ومعاناة مع الروماتيزم او المفاصل.
وأشارت المصادر إلى أنه من أعراض استخدام «ليريكا» ظهور تورم ملحوظ في الساقين للشخص الذي يتناوله بكثرة، فضلا عن زيادة الوزن وضعف التركيز والانتباه والشعور بالاجهاد، اضافة الى عدم السيطرة على البول والاصابة بأمراض الدم وحصوات الكلى، محذرة من استخدام هذا الدواء من دون اتباع الارشادات الطبية من قبل الطبيب مباشرة.
عصر الانفتاح ذكرت أستاذة أخلاقيات المعلومات في كلية العلوم الاجتماعية، د. دلال البديوي، أن الحصول على المعلومات يجب أن يكون من مصادرها الموثوقة، خاصة أننا في العصر المعلوماتي، الذي يغلب عليه الانفتاح في جميع المجالات، وسرعة الحصول على المعلومة وإمكانية عرضها بسهولة.
وأضافت البديوي أن الانفتاح أدى إلى تغيير السلوك المعلوماتي لدى الأفراد، وأعطى فرصة لغير المختصين للخوض فيما ليس لهم شأن به، مشددة على ضرورة وجود قانون يمنع أي شخص من عرض أو تقديم معلومة طبية للعامة، إلا إذا كان طبيباً مختصاً في الشأن الذي يروّج لمعلومات فيه.
