دخلت سيدة تدعى “هيتي غرين” موسوعة جينيس للأرقام القياسية من باب البخل، والتي اعتبرها البعض من أكثر البخلاء بل ربما الأبخل على الإطلاق.
وعاشت هيتي غرين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، تحب حياة الزهد، فرغم ثرائها الفاحش وحسها التجاري العبقري إلا أن ظهورها الدائم بنفس الملابس السوداء جعل الناس يطلقون عليها اسم “ساحرة وول ستريت الشريرة”، بحسب “بي بي سي”.
وتوفيت هيتي، في عام 1916 عن عمر ناهز 81 عاما وقد وصفتها صحيفة نيويورك تايمز حينئذ بأنها “أغنى امرأة في أمريكا” حيث تركت مبالغ نقدية تقدر بنحو 100 مليون دولار أي ما يعادل اليوم 2.3 تريليون دولار بأسعار الوقت الراهن.
ولم تغير غرين ملابسها، فظلت طوال حياتها ترتدى فستانا واحدا أسود اللون وقبعات رخيصة وتحمل حقيبة يد واحدة ولم يكن لديها سيارة حيث كانت تسير في شوارع منهاتن المزدحمة في نيويورك، إلى مكتبها في البنك الكيماوي حيث كانت تدير إمبراطوريتها التجارية.
حياة غرين
ولدت هنرييتا غرين لأسرة غنية من طائفة الكواكر المسيحية، وبسبب سوء الحالة الصحية لوالدتها ظلت في طفولتها في رعاية والدها أو جدها الذي رباها على احترام المال، حيث كانت سن السادسة تقرأ له أخبار المال وتقارير البورصة وفي سن العاشرة عملت سكرتيرة لجدها تكتب له الرسائل وتشارك في اجتماعاته التجارية، حتى اقتحمت غرين عالم البورصة مبكرا.
وضمن من وقائع البخل التي اتصفت بها، كانت عندما اشترى لها والدها خزانة ملابس ضمت العديد من الأزياء الفاخرة، باعت الملابس واستخدمت المال في الاستثمار في أذون الخزانة الحكومية.
كيف تكونت ثروتها؟
وتوفي والدها عام 1865 تاركا لها ثروة الأسرة التي كانت تقدر بنحو 5 ملايين دولار، فأخذت غرين الاموال وعملت في العقارات وشراء الأراضي وخاصة التي كان يتوقع تحولها إلى مسارات للسكك الحديدية، كما قدمت القروض للبنوك المتعثرة والمدن التي تعاني من أزمات مالية.
وكانت غرين تقوم بالشراء عندما يكون السعر منخفضا ولا أحد يريد البضاعة التي تحتفظ بها حتى يرتفع سعرها ويتعطش الناس للشراء فتقرر بيعها، حسبما تحدثت ذات مرة لنيويورك تايمز عام 1905.
وتوقعت غرين وفقا لكتاب “ساحرة وول ستريت الشريرة” الصادر عن حياتها عام 1936 انهيار البورصة فكدست الأموال السائلة لتقديم القروض.
لم تتزوج حتى الـ 33 من عمرها خوفا من طمع الرجال بها، ثم ارتبطت بإدوارد هنري غرين وكانت له ثروته الخاصة المتواضعة واحتفظت بمالها بعيداً عن متناول يد زوجها، ما أدى إلى توتر العلاقة ومغادرة الزوج للبيت في وقت لاحق ولكن عندما مرض قدمت له الرعاية قبل موته.
و منذ وفاة زوجها صارت ترتدي زي الأرملة “الأسود” حتى وفاتها، كما كان أطفالها يرتدون ملابس مستعملة، وعاشت في عدد من الشقق المتواضعة في نيويورك لتجنب دفع أموال في إعداد منزل أو دفع ضرائب، وكانت وجبتها اليومية على الغداء هي الشوفان كما كانت تبحث عن الأماكن التي تقدم العلاج المجاني.
وتداول البعض عنها واقعة غريبة، عندما أصيب ابنها بكسر في ساقه أخذته لعيادة مجانية وعندما تعرف عليها الأطباء وطالبوها أن تدفع كلفة علاج نجلها تركته لديهم وانصرفت فلم يتلق الابن العلاج المناسب ما أدى لاحقا لبتر ساقه، ولكن جمعية نيو إنجلاند التاريخية تنفي هذه القصة، وتقول: “مثلها مثل العديد من القصص المرتبطة بغرين لا تخلو من المبالغة”.
ترفض اتهامات البخل
ورفضت غرين الاتهامات التي وجهت لها بالبخل وقالت في حديث صحفي: “لست امرأة صعبة فأنا ببساطة من طائفة الكواكر وأحاول الالتزام بإيمان هذه الطائفة من حيث بساطة المظهر والحياة الهادئة، حيث لا تسعدني أشكال الحياة الأخرى”.
توفيت غرين عام 1916 بعد مرض طويل، وبعد موتها عاش نجلاها حياة رغدة حيث صار ابنها جامعا للأعمال الفنية.
