انتشرت في الفترة الاخيرة العديد من الألعاب الالكترونية عبر الهواتف الذكية التي باتت تستقطب العديد من الصغار والمراهقين ووصل الأمر إلى أن بعض ضعاف النفوس استغلوا اطفالا في الكويت وهددوا صحتهم النفسية والجسدية عبر لعبة «الفورت نايت» fortnite التي تعتبر من أكثر الألعاب سهولة ويسر في جيل الألعاب الحالية، وبسبب بساطة تصميمها يُقبل معظم الأطفال عليها، وأيضا بسبب توافر اللعبة بشكل مجاني، فلا تحتاج إلى دفع أي مال مُقابلها، إضافة إلى توافرها على كل الأجهزة مثل الهواتف الذكية.
الجديد في الأمر والكارثي في الوقت نفسه أن هذا الابتزاز الإلكتروني انتقل من الفضاء العالمي إلى الكويت، ما يستلزم تحركا عاجلا من قبل الجهات المعنية لحماية أبنائنا، حيث أبلغ أولياء أمور “القبس” أن بعض المحترفين إلكترونيا تحدثوا مع صغارهم وأقنعوهم بممارسة ألعاب مدمرة نفسيا وجسدياً، فهي في الظاهر «لعبة» وفي الباطن تدمير وخطر كبير.
واشار أولياء الأمور إلى ان بعض الأطفال أرسلوا اسرارا أسرية بحسن نية، وبعضهم تورطوا في التعري وكشف الثياب، لافتين إلى أن هذه التقنيات تحتاج وقفة من قبل الجهات المعنية، مشيرين إلى أنه من الصعب السيطرة على هواتف الأبناء ومراقبتهم على مدار اليوم وسط مشاغل الحياة. وكان الطفل «عبدالعزيز» البالغ من العمر 8 سنوات، آخر ضحايا هذه اللعبة الخطيرة حيث وقع فريسة لأحد المجرمين الإلكترونيين. ولمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التقت القبس المواطن راشد بوسند وهو خال الطفل الضحية عبدالعزيز والذي لم يتجاوز عمره 8 سنوات: قال بوسند: أن شقيقتي اعتادت على مراقبة هواتف ابنها الضحية وبقية أشقائه أسبوعيا ولكن جرى إهمالهم في الفترة الاخيرة لمدة اسبوعين فقط بعد دخول والدهم المستشفى وانشغال الأسرة في استكمال أوراق علاجه بالخارج.
محادثات خطيرة
وتابع خال الطفل بالقول: عادت الأم مجددا لمراقبة هواتف ابنائها واكتشفت وجود مقتطفات من محادثات غير كاملة كما لاحظت أن طفلها مرتبك، وبعد توصيل الهاتف بالكمبيوتر للحصول على المحادثات كاملة، جرى اكتشاف أن هناك شخصا يتحدث اللهجة الكويتية بطلاقة يتواصل مع الطفل من رقم خارجي ويقوم بإغرائه ويثير فيه الفضول للحصول على أحدث ألعاب ال «الفورت نايت». وزاد بالقول «الشخص عرف نفسه للطفل على أن اسمه «أحمد» من السعودية، وقام باستدراجه من خلال إغرائه بالالعاب والرقصات التي تتضمنها هذه اللعبة، وطلب منه أن ينفذ اوامره مقابل مبلغ من المال وقيمته 100 دولار وهي قيمة كارت الشحن الذي يجري شراؤه من store وبعد ان وافق الطفل، قام الشخص المبتز بإرسال فيديوهات اباحية لاطفال كانوا ضحاياه سابقا، وطلب من ابن شقيقتي أن يقوم بتقليد هذه الفيديوهات وتصوير نفسه وإرسالها له مرة اخرى.
ابتزاز وتحريض
وتابع بوسند: لم يكتف المحرض بهذا الامر بل طلب من الطفل أن يطبق هذا الامر على باقي أفراد الاسرة، وكان شقيقه الأصغر ذو الستة أعوام هو ضحيته الثانية، حيث قام بتصوير شقيقه وهو يقلد هذه الفيديوهات، ثم يقوم بإرسالها له مرة اخرى، لافتا الى أن المحرض تواصل مع الطفل لمدة يومين متواصلين، وابتزه بكل الطرق. وأشار بوسند إلى أن الاسرة حصلت على 9 فيديوهات ومحادثات ارسلها المحرض إلى الطفل، لافتا الى أن والدة الطفلين في حالة انهيار وتركت المنزل بعد اكتشافها لهذه الحادثة. وقال بوسند أن محامي العائلة بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق الجاني، وسيجري تقديم بلاغ رسمي إلى وزارة الداخلية ممثلة بإدارة الجرائم الالكترونية للوصول الى الجاني.
بداية اللعبة
ظهرت لعبة فورت نايت منذ عام واحد فقط لتنتشر كالفيروس بين الأطفال، محققة أرباحاً تتعدى خمسين مليون دولار أميركي، وتشير الإحصاءات إلى أن عدد مستخدمي اللعبة وصل إلى 100 مليون شخص حول العالم، ورغم أن اللعبة مجانية لكن مطوريها نجحوا في وضع مستويات داخلية بمقابل مادي، يقوم المستخدم بشرائها من أجل تطوير نفسه في اللعبة، وبالفعل دفع الجنون الذي أصاب مستخدمي اللعبة إلى إنفاق أموال طائلة للانتقال لمستويات أعلى. وتتيح اللعبة للمستخدمين اللعب بشكل فردي أو جماعي من لاعب إلى ثلاثة لاعبين في الفريق الواحد، ففي البداية تضم اللعبة 100 لاعب في المرة الواحدة، وتبدأ اللعبة بطائرة تحلق في السماء وتضم الـ100 لاعب، ثم يقرر اللاعبون أين سيقفزون على الجزيرة الموجودة أسفلهم. وبعد ذلك يبدأ المتسابق في البحث عن السلاح والخزائن، والأدوية داخل المنازل الموجودة على الجزيرة ليحمي نفسه ويصل إلى مستويات عالية من اللعبة، آخذاً كل الاحتياطات اللازمة لحماية نفسه، وبعد فترة تبدأ ساحة المعركة، ويقل عدد الأشخاص المشاركين في اللعبة واحد تلو الآخر، حتى يتبقى لاعب في النهاية وهو الفائز.
اختصاصيون نفسيون: تولد العنف والعزلة المجتمعية
أكد خبراء نفسيون واجتماعيون أن التعرض الطويل لهذه الألعاب مضر للأطفال ويؤثر على سلوكهم كما أنها تنمي العنف لدى الطفل، فينشأ على أساليب الجريمة المختلفة، ويتعرف على حيلها، ويتعلم الطفل العنف والعدوان، فيشب عدوانياً وتجد ذلك متمثلاً في علاقاته مع أصدقائه بالمدرسة. وأوضحوا أن هذه الألعاب تعلم الأطفال الأنانية وتجعلهم لا يسعون سوى لمصالحهم فقط، لأن الطفل يسعى داخل هذه اللعبة للوصول لأهدافه من خلال إزاحة الآخرين من طريقه، كما تبعد الأطفال عن المشاركة المجتمعية وتجعلهم يفضلون العزلة.
«المباحث» رصدت 3 ألعاب خطيرة
أبلغت مصادر أمنية مطلعة القبس أن الإدارة العامة للمباحث الجنائية تتابع بدقة ما يدور على مواقع التواصل الاجتماعي، كما تراقب الألعاب الالكترونية التي تمثل خطورة على الأطفال والمراهقين، مشيرة الى ان التعليمات الصادرة لرجال المباحث واضحة وصريحة وهي عدم التهاون مع المتجاوزين والعابثين.
وقالت المصادر رداً على ما نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود شخص داخل البلاد يستدرج الأطفال والمراهقين عبر لعبة «الفورنايت» ويطلب منهم صورا وأوضاعا مخلة بالآداب العامة: ان الإدارة لم تتلق أي بلاغات أو شكاوى حتى ظهر أمس بهذا الخصوص، ولكنها تتابع ما أثير لكشف حقيقة الأمر. وأوضحت المصادر ان المباحث الجنائية تتواصل مع الشركة الأم الخاصة بلعبة «الفورنايت» خارج البلاد، وذلك لمراقبة أي تجاوزات وضبط أي شخص يثبت تورطة في استدراج الأطفال او المراهقين.
واشارت المصادر إلى ان ما يثار عبر المواقع لا يُعد بلاغاً رسمياً، وانما يُعد معلومة نأخذها على محمل الجد ونتعامل معها لنصل في النهاية الى حقيقة الأمر. ولفتت المصادر الى ان الشركات المصممة لتلك الألعاب متعاونة للغاية، وبمجرد التقدم ببلاغ رسمي فإن لديها القدرة على كشف أي متجاوز وإغلاق حسابه على الفور، وتحديد مكان تواجده كما نخاطب إدارة الانتربول لملاحقة أي متهم إذا كان يقيم خارج البلاد.
وذكرت ان التجربة خير دليل، وان الإدارة خاطبت قبل ذلك احدى الشركات بخصوص 3 ألعاب الكترونية كانت تمثل خطورة على الأطفال، وبعض المستخدمين استغلوا تلك الألعاب للايقاع بضحاياهم، وجرى إغلاق حسابات المتجاوزين وضبطهم بالتعاون مع الشركات الأم.
