من الضروري جدّاً ألا نستمر في التعاطي مع الشأن العام والأداء الحكومي بالنَّفَس والروح أنفسهما اللذين تعودنا عليهما طيلة سنوات طويلة، رغم اننا كنا معذورين في ذلك. سنوات طويلة، وأعني سنوات طويلة جدّاً.. سيطرت روح التشاؤم ولغة التذمّر والشكوى واليأس من كل من الشأن السياسي والاقتصادي والقانوني والتعليمي والصحي، وكل ما يتعلّق بالحياة في الكويت، بسبب الفساد الذي استشرى يوماً بعد يوم، من دون أي وقفة جادة للحد من تمدد هذا الفساد. اليوم نحن نعيش تحت مظلة حكومة ورئاسة وزارة مختلفة.. وقد لا تكون كما نرجو ونأمل مئة في المئة.. ولكنها على الاقل بنظري، أنا شخصيا، افضل مما سبق، ما يدعونا ويشجعنا على اعطائها الفرصة والوقت، ليس لتعديل الوضع كله من الصفر، ولكن على الاقل لنشعر بأنها جادة بالإصلاح. لا بد لنا أن نعطي هذه الحكومة الفرصة حتى تثبت فلسفتها ورسالتها كما تعلنها دائما.. وهي تطبيق القانون الذي لن يستثني أحدا، مهما كان اسمه او اصله او منصبه.. وهذا ما سمعناه اكثر من مرة على لسان سمو رئيس الوزراء وبعض وزرائه. بناء عمارة يستغرق سنة واثنتين.. ولكن هدمها لا يستغرق اكثر من دقائق معدودات؛ لذا فبناء نظام دولة من دون فساد او تخبّط يحتاج تعديل الكثير والكثير.. وقبل هذا كله فإن استعادة ثقة شعب طاله الملل واليأس حتى كاد أغلبه يفقد ثقته في دولته.. (وهذا ما لا يرغب احد في الوصول اليه) يحتاج كثيراً من الجهد، وأقل منه وقت. وحتى ننجح في هذه الخطوة وبوجود رئيس وزراء يبعث الامل بنا.. علينا التركيز على اي ايجابيات يحققها فريقه الوزاري لتعزيز نوع من التفاؤل داخل مجتمعنا. علينا تشجيع هذه الحكومة اذا ما بدر منها اي انجاز، وبدأت بتحقيق اي هدف مهما كان صغيرا.. وذلك حتى ندعم هذه الحكومة الجديدة على الاستمرار في نهجها الجديد والايجابي.. الذي يصبّ بالنهاية في كل ما نرجوه ونتأمله. لا نستطيع، ولا بأي حال من الاحوال، ان ننفي ان هذه الحكومة برئيسها واداء بعض وزرائها بعثت فينا روحا افتقدناها طويلا. صحيح انها لم تحقق حتى الآن كل المراد.. ليس لعيب فيها بشكل كلي.. ولكنها فور تسلّمها المسؤوليات دخلت في دوامة «كورونا» التي استنزفت الكثير من جهدها وعملها. بعد أشهر قليلة سينتهي عمل هذه الحكومة، بعد اختيار اعضاء مجلس الامة الجديد.. وحينها سيبدأ العمل الفعلي. لنشجع كل ما يتوجب علينا تشجيعه من اداء حكومي، ونختزل اي هجوم، او على الاقل نخفف من حدته.. لان اعادة بناء ما تم تدميره سنوات طويلة يحتاج نفسا طويلا ودعما وتشجيعا.. ومهم جدا التشجيع للاداء الجيد والمتميز. املنا كبير وقوي في رئاسة الوزراء الجديدة الاخيرة.. ولكني اشعر بأنها مقبلة على جدول اعمال طويل جدا.. لكل بند فيه أولويته الخاصة.. اذا ما تم اختيارها مجددا لادارة الفترة المقبلة، وهذا ما يأمله كثيرون. كان الله في عون كل مخلص ومجد ومُصرّ على اصلاح وتنظيف المكان الذي يتحمّل مسؤوليته؛ لأنه سيغوص في مشاكل لا اول لها ولا آخر. بتشجيعنا ودعمنا اعلاميا ومنظمات مجتمع مدني وقوى ضغط ناعمة.. سنساعد كثيرا على المضي قدما نحو كويت المستقبل الجميل. Volume 0% يد واحدة لا تصفّق أبداً. إقبال الأحمد l.alahmad@alqabas.com.kw
القبس
