رابطة الكنائس المسيحية أبّنت فقيد الإنسانية: ترك مدرسة مملوءة بالرجالات الحكماء الأكفاء القادرين على القيام بالرسالة خير قيام
بحضور السفير المصري طارق القوني وعدد من الديبلوماسيين ورؤساء الكنائس نظمت رابطة الكنائس المسيحية بالكويت تأبينا خاصا لفقيد الكويت والإنسانية المغفور له بإذن الله سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، لما قدمه سموه للإنسانية من خدمات جليلة ومواقف خالدة نبيلة، وتعبيرا عما تشعر به كل الشعوب المحبة للسلام تجاه الراحل الكبير، وذلك مساء أمس الأول الجمعة في كاتدرائية العائلة المقدسة الكاثوليكية.
وفي كلمته التأبينية، قال راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية في الكويت عمانويل غريب «فقدت الكويت أميرها وقائدها وراعي نهضتها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، الذي قاد الكويت لسنوات لتتبوأ مكانتها كدولة محبة للسلام وغيث الملهوف»، لافتا إلى أن «سموه كان رجل سلام ومحبة يرأب الصدع بين الدول، ونحن فخورون بما قام به أميرنا الراحل وندعو الله أن يوفق صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي عهده الشيخ مشعل الأحمد لقيادة البلاد».
بدوره قال راعي الرعية المارونية في الكويت الخوري ريمون عيد: «بمزيد من الرجاء نجمع شملنا اليوم كرابطة الكنائس المسيحية في الكويت، لنرفع دعاء مضاعفا، من أجل سمو أمير الإنسانية الراحل الشيخ صباح الأحمد، غمره الله بوافر مراحمه، ومن أجل صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، عضده الله بيمينه القديرة، ومن أجل سمو الشيخ مشعل الأحمد ولي العهد، رعاه الله بعنايته، وليحفظ الله الكويت الأبية وليوطد أمانها وسلامها، وليرفع شأنها بين الأمم».
محب للخيرأما راعي كاتدرائية مارمرقس بالكويت القمص بيجول الأنبا بيشوي فقال «يعز علينا أن نجتمع الليلة لكي نؤبّن سمو الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، ولكن ما يعزينا أن هذا الرجل العظيم، رحل عنا شيخا وقورا سلك بيننا بكمال بشهادة الداني والقاصي، فقد كان – رحمه الله – محبا للخير، صانعا للسلام، وكان حمامة سلام بين أي متنازعين.
ما كان يسمع عن خلاف بين شقيقتين (أقصد دولتين) إلا وكان يطير بنفسه وقلبه يسبق طائرته، وينهي الخلاف ويضمد الجراح ويعود منتصرا لإخوته، غانما رضى الله ورضى إخوته».
وزاد «ترك لنا ميراثا نشكر الله عليه وخلف لنا جيلا، ترك لنا مدرسة مملوءة بالرجالات الحكماء الأكفاء قادرين على أن يقوموا بالرسالة خير قيام.
دعونا الليلة أن نسميها مدرسة الحكمة.. مدرسة السلام»، مضيفا: «نشكر الله على سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله ورعاه، الذي أطل علينا سموه بوجهه البشوش وابتسامته المعروفة عنه، وقلبه الطيب فاتحا يديه الحانيتين وكأنه يضم الكل ويحتضن الجميع فاطمأنت قلوب الجميع».
وتابع «نشكر الله على الاختيار الموفق المفرح لسمو الشيخ مشعل الأحمد ولياً للعهد، فكم سمعنا عن خطاه السديدة كلل الله جهود سموه وكل ما تمتد إليه أيديه بالنجاح وحفظ لنا الله سموه وجها مشرفا مشرقا للكويت المحظوظة برجالاتها».
واختتم قائلا «بالإنابة عن قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني بابا وبطريرك الكرازة المرقسية بمصر وسائر بلاد المهجر، وعن مطراننا المكرم نيافة الأنبا أنطونيوس مطران القدس والكويت والشرق الأدنى، وعن إخوتي كهنة الكنيسة الموقورين وشعبها كله، وعن إخوتي الأفاضل رؤساء الكنائس المسيحية الموقرين بالكويت، وبالأصالة عن نفسي أهنئ صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله ورعاه، وأهنئ سمو ولي العهد الأمين سمو الشيخ مشعل الأحمد، وأهنئ الكويت العامرة وكل إخوتنا فيها بسموكم.
أدام الله الكويت عامرة بأميرها وولي عهدها وقادتها وكل شعبها المخلص الوفي».
سكن قلوب الإنسانية
بدوره قال ميتروبوليت بغداد والكويت للروم الأرثوذكس المطران غطاس هزيم: «من الرهبة أن تقف لترثو المغفور له الراحل سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، لأنه إنسان أكبر من الكلمات، إنسان لا يحد لأن مجاله كل الإنسانية.
صيته ذاع في كل أصقاع الأرض، لا لأنه أمير – فالرؤساء كثر والأمراء أيضا – بل لأن كبيرنا تميز بخصال نشتهيها عند كل الرؤساء».
وأضاف «الراحل كان عالميا سكن قلوب الإنسانية، فسمي عن جدارة أمير الإنسانية، وهذا لقب لم يحمله غيره. لقد ميز الكويت بالمساهمات الإنمائية، فلم تخل دولة، تقريبا، من بصمة كويتية تساهم في نموها وتبلسم جراح آلامها.
لقد كان كبيرا، والكبير يكبر، لا بالحروب، إنما بصنع السلام وبناء الإنسان».
وأضاف «ان الأمير الراحل مقت الحروب والخلافات التي تدمر الحجر والبشر، وامتلك موهبة التمييز والحكمة، فاتخذ من المصالحة نهجا، ومن التوازنات مكانة، لذلك كان صمام أمان للخليج أولا وللعرب ثانيا، وكان للعالم نصوحا بسديد رأيه، فجعل الكويت المركز في المبادرات والحركة الديبلوماسية النشطة».
وختم هزيم كلمته بالقول «إن الكلمات عاجزة عن الإلمام بكل مآثر فقيدنا، وخصاله ستبقى محفورة في ذاكرتنا. لقد غادرنا والحسرة تعصر القلوب، ولكن الرجاء كبير بخير خلف لخير سلف، أعني به صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله ورعاه.
إنه من هذه المدرسة، وعلى النهج نفسه والمسيرة عينها سائر. نسأل الله الرحمة للسلف، ومديد العمر للخلف.
ونطلب إليه تعالى أن يمد سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وولي عهده الأمين سمو الشيخ مشعل الأحمد، بالصحة، ويوطدهما بالحكمة في قيادة دفة البلد نحو النمو والازدهار».