يبدو أن المرحلة المقبلة تتجه إلى جولة جديدة من التأزيم بين السلطتين خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية وإبطال عضوية بدر الداهوم، التأزيم لم يتأخر كثيرا وكان واضحا مع ظهور نتائج الانتخابات وتبني نواب قضايا تتحفظ عليها السلطة التنفيذية وازدادت لفجوة بعد انتخابات الرئاسة دون جهود جادة لإيجاد صيغة للتنسيق، للإنصاف، القضايا التي كانت سببا جوهريا في التأزيم ليست من أولويات شريحة كبيرة من المواطنين، خاصة مع تفشي فيروس كورونا وما صاحب ذلك من قرارات بالحظر أنهكت كثر وتعثر مالي لشريحة أخرى، وزاد الطين بلة ما طرح بشأن نفاد السيولة وان الرواتب تم توفيرها لشهري مارس وأبريل، وغيرها من هذه الأخبار التي «تخرع»، مع يقيني بأن ما يردد غير منطقي، وكيف تكون صحيحة والكويت تدين أغلب دول العالم وتضع مليارات الدولارات كودائع بلا فوائد تقريبا في دول عربية كثيرة، ولها من الاستثمارات ما يكفي لعدة أجيال وهناك صندوق سيادي مطمئن؟! نعم، نحن ضد المساس بصندوق الأجيال، ولكن المثل يقول «حدث العاقل بما يُعقل فإن صدق فلا عقل له»، وأذكّر من يردد هذه التصريحات بأننا عقلاء ولن نصدق ما لا يعقل وأعتقد أن مثل هذه التخوفات بسبب ما تشهده الساحة السياسية والخلاف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وبعيدا عن الخلاف بين السلطتين والذي يجب أن يتم تجاوزه دون تشنج، فالمنطق يستوجب على السلطتين أن يترك مواربا دائما للتعاون لتقريب وجهات النظر فيما يختلفون فيه، والتركيز على أولويات المواطن الآن، فلا صوت يعلو على تداعيات فيروس كورونا وجهود توفير اللقاح والتوسع في التطعيم وتقديم الدعم للمتضررين وأصحاب المشاريع الصغيرة وللمستثمرين في مجال الفنادق والسفر، ولابد من آلية لتعويض هذه الشريحة لا لتركهم فريسة للديون والقروض، أما القضايا التي لا تحظى بالأولوية فلا بأس من التصدي لها لاحقا شريطة دون تشنج، ولا بأس من عقد اجتماع يكون جدول أعماله تحديد القضايا واجبة الحسم وفق مبدأ المهم فالأهم، شريطة أن تكون الأهمية منطلقة من تلمس حاجة الوطن والمواطن، حتما التعاون المثمر للصالح العام، بعيدا عن العراك في التصريحات والمعادلة الصفرية التي لن يربح فيها أحد.
