ربما لم نعد نسمع أصوات طرق الأواني (الحلل) عندما تشهد مصر خسوف القمر، وهي العادة التي انتشرت في الشرق الأوسط قديما مع كل خسوف للقمر، وظلت منتشرة حتى ستينيات القرن الماضي، إلا أن ارتباط الخسوف القمري بظواهر غريبة حول العالم، لا يزال موجودا، رغم الفوائد العلمية التي تصاحبه مثل ضبط التقويم وتصوير الأجرام السماوية.
ويشهد العالم، مساء اليوم، خسوفا جزئيا للقمر، يرى في مصر بالعين المجردة، وفقا للدكتور أشرف لطيف تادروس رئيس قسم الفلك السابق بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، كما يرى في قارتي أستراليا وآسيا عدا الشمال الشرقي منها، وتراه أيضا قارتي أفريقيا وأوروبا عدا شمال إسكندنافيا، ومعظم أمريكا الجنوبية.
خسوف القمر يؤثر على الحيوانات.. يوقظ الأوز ويمنع قرود من تناول الطعام
وتسبب دورة القمر المنتظمة من بدر إلى بدر مرة أخرى، وهو الشهر القمري، تغيرات في المجال المغناطيسي للأرض، وسحب الجاذبية، ومستويات الضوء في الليل، فيما يمتد تأثير القمر على الكرة الأرضية في حالة الخسوف ليشمل الحيوانات والبشر، وفقا لموقع “إرث سكاي”، المهتم بالظواهر الفلكية وتأثيرها على الأرض.
ووفقا للموقع، فإن دراسة في عام 2010 اكتشفت أن قرود بومة أزارا، وهي من الأنواع الليلية عادة، توقفت عن الطعام في الأرجنتين خلال الكسوف القمري حيث أصبح عالمهم أغمق فجأة، وربما يكونون قد كافحوا من أجل رؤية طعامهم، أو شعروا بالخوف الشديد من التحرك بأمان عبر الأشجار.
ووجدت الدراسة أن الحيوانات، في جنوب غرب إسكتلندا، تستجيب للأحداث الكونية الكبرى مثل الأعاصير وكسوف الشمس وخسوف القمر والزلازل والبراكين، فبعد تزويد إوز “البرنقيل” البري بأجهزة صغيرة تقيس سلوكها، وجدت أن معدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم قد زاد في الليل أثناء الأعاصير العملاقة، وأثناء خسوف القمر.
الخسوف والتأثير على البشر.. زيادة المواليد وشفاء عاجل من الجراحات
لم تقتصر الظواهر الغريبة المرتبطة بالخسوف على الحيوانات، بل تمتد إلى البشر، حيث نقلت صحيفة “ديلي إكسبريس” البريطانية، عن دراسة أجرتها مجلة Current Biology، أن خسوف القمر، كان عامل في زيادة عدد المواليد، فقد لاحظ الباحثون بعد خسوف للقمر في 2018 حوالي ألف ولادة في مستشفى خاص في كويوتو اليابانية، على الرغم من عدم إعطاء الأمهات الطلق الصناعي، ووجد الباحثون أنه كلما كان القمر قريبا من الأرض حصلت ولادات أكثر، وذلك بسبب الشدَ المغناطيسي القوي وقتها، وفقا للدراسة.
وبحسب دراسة أخرى في عام 2013 في مجلة Interactive Cardiovascular and Thoracic Surgery، فإن المرضى الذين أُجريت لهم عمليات جراحية طارئة في القلب سجلوا إقامات أقصر في المستشفى خلال خسوف القمر العام الماضي عن الأيام الأخرى. كما أنهم سجلوا أيضاً نسبة وفاة أقل من المرضى الذين أجروا العملية ذاتها خلال مرحلتين آخرتين من خسوف القمر.
فوائد علمية تصاحب خسوف القمر
إن كانت هناك ظواهر غريبة مرتبطة بالخسوف فهناك فوائد علمية تصاحب الخسوف أيضا، مثل ضبط التقويم وتصوير الأجرام السماوية.
ويقول الدكتور محمد غريب، الأستاذ بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، لـ”الوطن”، إن فوائد ظاهرة الخسوف، منها ضبط التقويم، ودراسة وتصوير بعض الأجرام السماوية التي تتطلب غياب القمر لتسهل ملاحظتها.
ويوضح أن خسوف القمر يساعد في دراسة شفافية الغلاف الجوي، ودقة الحسابات الفلكية والهلال، كما أن الخسوف يساعد في متابعة التغيرات المناخية على سطح كوكب الأرض، وفي بعض الحالات يتم الاستعانة بظاهرة الخسوف لدراسة أحداث تاريخية.
كما يؤكد الدكتور غريب أن خسوف القمر يستغله العلماء لضبط مدارات حول الأرض، ومدار الأرض حول الشمس، بالإضافة إلى دراسة عملية المد والجزر في البحار، حيث تزيد الجاذبية للمد والجزر أثناء الخسوف.
